تحقّق الهدف الرئيسي لجائزة المصطفى(ص) في كشف القيمة العلميّة لأوغور شاهين قبل اكتشاف لقاح كورونا
تأسّست جائزة المصطفى(ص) بهدف تحديد وتقييم الأعمال المؤثّرة في حياة الإنسان والقائمة على أساس البحث العلمي والمعرفي؛ الهدف الذي حقّقه الفائز بالجائزة في دورتها الثالثة بإنتاج لقاحٍ لفيروس كورونا.
بحسب المكتب الإعلامي لمؤسّسة المصطفى
، فإنّ البروفيسور التركي أوغور شاهين كان أوّل عالمٍ في العالم يكتشف لقاحاً ناجحاً لفيروس كورونا؛ هذا اللقاح المصنوع بأحدث تقنيات الـ RNA المرسال mRNA))، هو أوّل لقاحٍ يتمّ تطويره باستخدام هذه التكنولوجيا التي بدأ أوغور شاهين إجراء التحقيقات عليها في الوقت الذي قام فيه بتأسيس شركته "بيوأنتك" منذ أكثر من عقد من الزمن.
في العام الماضي، حصل شاهين على جائزة المصطفى
التي تُمنح كلّ عامين للعلماء والباحثين المسلمين تقديراً لأبحاثهم ودراساتهم التطبيقيّة الناجحة، وذلك بسبب تصميمه وتقييمه للقاحات مضادّة للسرطان تعتمد على الرنا المرسال على أساس الطفرات في كلّ مريض.
وفي هذا السياق قالت قناة دويتشه فيله الألمانيّة: "يمكن القول بجرأة أنّ جائزة المصطفى
اعترفت بأوغور شاهين قبل أيّ مؤسّسةٍ علميّةٍ تحفيزيّةٍ أخرى، واعتبرته جديراً بتقديرٍ كبير".
وكما كان قد قال مدير مؤسسة المصطفى
، المهندس مهدي صفاري نيا: تقوم مؤسّسة المصطفى
للعلوم والتكنولوجيا من خلال منحها لجائزة المصطفى
العالميّة كأحد رموز الجدارة والتميّز في مجالات العلوم والتكنولوجيا بتقدير وتجليل الشخصيات البارزة على المستوى الدوليّ بهدف توسيع حدود المعرفة والرفاهيّة العامّة ولعب دور قيّم في المجتمع.
وبحصولها على موافقة لجنة العلوم والتكنولوجيا التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي (كوموستيك) في عام 1995، تسعى جائزة المصطفى
بقوّة أكبر إلى توفير خلفيّة للتعاون وتطوير العلوم والتكنولوجيا في المجتمعات الإسلاميّة.
تم تشكيل أُطُر جائزة المصطفى
بعد مراجعة 300 جائزة علميّة وتقنيّة دوليّة متميّزة والتركيز على احتياجات العالم الإسلامي، وتستند الجائزة التي تسميها مجلة ساينس العلميّة جائزة نوبل الإسلاميّة إلى تحديد ونمذجة أفضل العلوم والتكنولوجيا في العالم الإسلامي، ويتم اختيار المرشّحين لها من علماء العالم الإسلامي.
بالإضافة إلى منح ميداليّة المصطفى
ولوحة التقدير، يحصل الفائزون بجائزة المصطفى
أيضاً على هدية نقديّة خاصّة تأتي من خلال أموال الوقف التابعة لبعض الأفراد والكيانات القانونيّة، بما في ذلك المؤسّسات الاقتصاديّة الكبيرة والمستثمرين والمهتمّين بالنمو العلمي من الجنسيات المختلفة.
تُمنح جائزة المصطفى
للفائزين في أربعة مجالات: علوم وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، والعلوم والتكنولوجيا الحيويّة والطبيّة، والعلوم وتكنولوجيا النانو، وجميع مجالات العلوم والتكنولوجيا الأخرى.
هذا وقد تمّ اختيار أوغور شاهين وعلي خادم حسيني بشكل مشترك لجائزة المصطفى
الثالثة في مجال العلوم الحيويّة والتكنولوجيا الطبيّة.
شاهين، الذي كان حاضراً في مدينة طهران لبضعة أيام لحضور حفل توزيع جائزة المصطفى
، شارك أيضاً في اجتماع تبادل الخبرات العلميّة والتكنولوجيّة (STEP) وأجرى محادثات قيّمة مع الطلاب والأطباء والعلماء.
وقال البروفيسور شاهين في حفل توزيع جوائز المصطفى
الذي أقيم في 11 نوفمبر 2019 في قاعة الوحدة: لقد حصلت على فرصة جيدة للتواصل مع الباحثين والأساتذة والطلاب من العالم الإسلامي وأجرينا محادثات بنّاءة، كما تمّ إضافة أصدقاء جدد منهم إلى قائمة زملاء العمل.
كما أشار شاهين في اجتماع ستيب السادس إلى إنتاج لقاح للسرطان وإنتاج أول شريحة عصبيّة في العالم بالإضافة إلى أبحاث شركة بيوأنتك في كلية العلوم الطبيّة بجامعة طهران قائلاً: بهذه الطريقة، تمّ لفت انتباهنا إلى الأجسام المضادة، لكنّ التكاليف كانت مرتفعة جداً لدرجة أنّ الجامعة لم تستطع تحملها، لذلك تم إنشاء شركة وقمنا بجمع 20 مليون دولار لتمويلها، وبعد سنوات قليلة تمكّنا من إنتاج وتطوير الأجسام المضادة، حيث أظهرت الأبحاث السريريّة أنّها تعمل بشكل أفضل من العلاج الكيميائي.
وأضاف: من الصعب علاج جميع مرضى السرطان بدواء واحد، لذلك ذهبنا إلى استخدام المعلومات الجينيّة لكلّ شخص لصنع الدواء، وتمكّنا من الحصول على لقاح مخصّص للسرطان.
إنتاج لقاح كورونا بالاعتماد على التكنولوجيا المطوَّرة لعلاج السرطان
أثّر تفشي فيروس كورونا في الشهر الأخير من العام الماضي في الصين (نوفمبر 2019) وانتشاره العالمي منذ بداية العام الجديد على جميع الأنشطة، بما في ذلك الأنشطة العلميّة والبحثيّة، وكان لابدّ للباحثين من إيجاد مخرج من الأزمة.
أدرك البروفيسور شاهين الخطر القادم في يناير 2020، وذلك قبل أن يغزو الفيروس أوروبا، وبما أنّه عمل سابقاً على تكنولوجيا إنتاج اللقاحات باستخدام تقنيّة MRNA، فقد شعر بأنّه يستطيع العمل مع فريقه على تطوير لقاح للوقاية من فيروس كورونا والذي يسمّى الجيل الرابع من اللقاحات.
كان الجيل الأول من اللقاحات عبارة عن فيروس كامل تم إيقاف فعاليته، والذي يؤدي إلى حدوث استجابة مناعيّة بعد حقنه في الجسم. استخدم الجيل التالي من اللقاحات تقنيات إنتاج البروتين المؤتلف التي تحفّز جزءاً من الفيروس في الجسم الذي يؤدي بدوره إلى استجابة مناعيّة.
الجيل الثالث من اللقاحات هي لقاحات قائمة على الحمض النووي، وتنقل هذه اللقاحات الجين المنتج للمستضد إلى الجسم، وتنتج خلايا الجسم المستضد دون دخول الفيروس إلى الجسم. الجيل الأخير، وهو الجيل الرابع من اللقاح، يتمّ إنتاجه باستخدام الحمض النووي الريبوزي المرسال .
بهذه الطريقة، وبدلاً من التلاعب بجين الخلية في الجسم الذي يمكن أن يسبّب مضاعفات خطيرة وحتى التسرطن، تنتج الـ MRNAs باعتبارها رسلاً في ريبوسوم الخلية، مستضدات فيروسيّة ذات مضاعفات أقل ومعدلات أعلى.
نُشر خبر بحث البروفيسور شاهين حول هذا اللقاح في وسائل الإعلام بعد فترة وجيزة، ونشرت صحيفة The Financial Times الإنجليزية خبر اختبار اللقاح على الحيوانات في 20 مارس 2020.
أكّد البروفيسور شاهين بعد ذلك خبر إجراء التجارب السريريّة بحضور افتراضيّ في اجتماع ستيب السابع الذي خُصّص لموضوع كورونا وحضره عدد كبير من علماء العالم الإسلامي من دول مختلفة، وقال شاهين: سيكون لقاح كوفيد متاحاً حتّى منتصف شهر أغسطس.
وأوضح شاهين: قمنا بترميز وصياغة المستضد الذي يأتي من الفيروس لحقنه في جسم الإنسان، حيث يمكن إعطاء اللقاح عن طريق الحقن العضلي. ما يميز هذا اللقاح هو إمكانيّة إنتاجه بسرعة، هذه اللقاحات مناعيّة للغاية وليس لها الكثير من الآثار الجانبيّة.
وأضاف: إنّ طريقتنا التالية لتصميم لقاح هي استخدام مقاييس صغيرة خاصة بالتصميم لأنها يمكن أن تنشّط الخلايا المناعّية كمستضدات.
نجاح شاهين متقدّماً على باحثين آخرين والأمل في العودة إلى الحياة الطبيعية
مع انتهاء الحجر الصحي في أواخر ربيع عام 2019 في العديد من البلدان وبدء فصل الصيف، راح معدل الإصابة بالفيروس والوفيات يرتفع، حيث كان شاهين وباحثون آخرون يقومون بتطوير اللقاحات بسرعة.
شرح رسول دينارفند، رئيس قسم العلوم والتكنولوجيا الحيويّة في جائزة المصطفى
، عمليّة البحث والتطوير الخاصة بلقاحات كورونا المختلفة في الاجتماع الثالث لترويج العلوم الذي أقامته مؤسّسة المصطفى
قائلاً: دخلت سبعة لقاحات المرحلة الثالثة من الدراسات السريريّة، فإذا كانت نتيجة هذه المرحلة من البحث إيجابية أيضاً، فسيُسمح للمنتج بدخول السوق. تراقب الأجهزة المعنيّة تطوير اللقاح مرحلة بمرحلة، لذلك هم لا ينتظرون استكمال ملف اللقاح ليقوموا بعدها بإعطاء الموافقات، وتوقّعوا أن تحصل هذه اللقاحات على الموافقات بنهاية المرحلة الثالثة من التجربة السريريّة قبل نهاية عام 2021 ، أي في نوفمبر أو ديسمبر 2021.
ولكن قبل نهاية هذا العام، وبينما تضاعف معدّل الإصابة بالفيروس مع بداية موسم البرد في العديد من البلدان، تمّ في 9 نوفمبر نشر أوّل خبر عن بيانات التجارب السريريّة للقاح الذي طوره شاهين، ووفقاً للتقرير، كانت نتائج هذه التجارب ناجحة بنسبة 95٪، والآن يجب أن يحصل اللقاح على الموافقات اللازمة للتوزيع من منظمة الصحّة العالميّة، وبحسب شاهين، إذا حدث ذلك في الشهر الأخير من هذا العام، فمن الممكن توزيع اللقاح في نفس الفترة وقبل عام 2021.
البروفيسور أوغور شاهين، العالِم الذي تغطي أبحاثه وسائل الإعلام المختلفة، هو طبيب ملتزم وأخلاقي تمكّن جنباً إلى جنب مع زوجته وفريقه البحثيّ من إجراء الكثير من الأبحاث حول تكنولوجيا MRNAs واستخدمها لتطوير لقاح كورونا.
قالت خديجة عاليشاه، وهي طالبة دكتوراه في مجال التكنولوجيا الحيويّة عملت لمدة عامين في البحث في مختبر الدكتور شاهين: في أوّل لقاء لي مع البروفيسور شاهين، كنت قلقة جدّاً من أنّ معرفتي قد لا تكون كافية، لكنهم عاملوني بهدوء شديد ومحبّة، ممّا عزّز ثقتي في تقديم نتائجي لهم، وأيضاً كانوا يشجّعون جميع الطلاب دائماً على المحاولة والمطالعة.
وأضافت طالبة التكنولوجيا الحيويّة: حتى عندما كانت تفشل التجارب، كانوا يقولون إنّ العمل العلميّ هو هكذا، والتجربة والخطأ جزء من العمل.
وتابعت: مثابرة البروفيسور شاهين وزوجته في العمل العلمي كانت حقاً نموذجيّة، وقد نقلت زوجته كذكرى عن الفترة التي بدآ فيها العمل العلمي أنّهما كانا يحاولان الحديث مع المستثمرين في كلّ زمان ومكان محاولين إقناعهم بتقديم الدعم الماليّ للشركة.