icon

البروفيسور آغور شاهين

العلم والتكنولوجيا الحيوية والطبية

مولود :

1965

الجنسیة:

تركيا

الأعمال:

التصميم والتقييم السريري للقاحات العلاجية للسرطان المرتكزة على mRNA على أساس التغيرات عند كل مريض

-

القتال في وادي الموت

هناك حاجة إلى سلاح بنفس التعقيد على الأقل لمحاربة مرض معقد مثل السرطان.

منذ وقت ليس ببعيد، حدث نقاش في وسائل الإعلام حول ما إذا كان الطبيب العالم هو نوع مهدد بالانقراض أو نوع جديد يتطور من خلال التهجين. الطبيب-العالم كجسر فعال بين هذين العالمين، هو الطبيب الذي يقوم بإجراء بحث علمي أساسي من أجل حل المشكلات السريرية.

أهمية هذا النوع من البحوث في الطب ليست أكاديمية فقط. يقوم الأطباء العلماء نوعاً ما "بترجمة" لغة الأطباء العلاجيين إلى لغة علماء الأبحاث، والعكس صحيح. على هذا النحو، فإنهم يلعبون دوراً حاسماً في ما يسمى بالترجمة أو تطبيق العلوم الطبية، حيث يشار أحياناً إلى طاولة (المختبر) بسرير (العيادة) أيضاً.

إذا كان من المفترض أن الطبيب ملزم ببذل كل ما في وسعه لإنقاذ مريضه، فقد لا يكون كافياً الطلب في بعض الأحيان من القائمة ووصف الأدوية الموجودة واستخدام الأدوات التي تم إعدادها بالفعل؛ لربما تطلب الأمر أحياناً من الطبيب العودة إلى المختبر وإجراء البحوث الطبية الحيوية الأساسية للعثور على دواء جديد أو لاختراع أداة سريرية فعالة.

 

وادي الموت

هل من الممكن أن يكون العالم البارز طبيباً بارزاً أيضاً؟ حسناً، نعم، لكن هذا ليس شيئاً نراه كل يوم. في الوقت الحالي، هنالك نقص مزمن وشديد وحتى متزايد من الأطباء العلماء على مستوى العالم. لا يوجد في أمريكا سوى 2 في المائة فقط من مجموع الأطباء مؤهلون للحصول على هذا اللقب. وفقاً لآغور شاهين أستاذ في تطبيقات أمراض السرطان وعلم المناعة والمدير التنفيذي للعلوم والبحوث في معهد أبحاث الصيدلة البيئية "تطبيقات أمراض السرطان" (TRON)، "التطبيق في هذا المعنى لا يدرس في أي برنامج أكاديمي، ولكنه شيء ينبغي تعلمه عبر المشاركة في مجموعات البحث متعددة الاختصاصات".

تأسس معهد أبحاث TRON في عام 2010 برأسمال أولي قدره 30 مليون يورو، ويقع في مبنى أبحاث جديد في حرم المركز الطبي لجامعة يوهان غوتنبرغ في مدينة ماينتس في ألمانيا. كما هو مذكور في موقع الويب الخاص بهذا المعهد فإن TRON  "يبحث في طرق تشخيصية وأدوية جديدة لعلاج السرطان وغيره من الأمراض الخطيرة." وتتمثل مهمته في تنفيذ الأفكار الإبداعية وإيجاد حلول عملية للتحديات وتطبيق النتائج العلمية وترجمتها إلى علاج سريري.

تطبيقات العلوم الطبية هي نهج متعدد التخصصات وتتطلب تخصصات متداخلة. العلماء - الأطباء رسمياً قد تدربوا ليكونوا كطبيب معالج وباحث علمي أيضاً؛ وبالتالي لديهم شهادة طبية كما لديهم شهادة دكتوراه تكون عادة في العلوم البيولوجية. إن الاختلاف الأكثر أهمية بين الطبيب العالم والباحث الطبي الحيوي العادي هو التجربة الفورية والمباشرة التي يتمتع بها الطبيب-العالم في العمل مع المرضى ويمكنه استخدامها لتوجيه البحوث في المختبر.

ومع ذلك، لا يحدث عمله الجماعي من تلقاء ذاته. وكما يقال: "من السهل جمع لاعبين جيدين، ولكن من الصعب حملهم على اللعب معاً". ووفقاً لشاهين: "إن إنشاء فريق من العلماء متعددي التخصصات ليس تحدياً سهلاً لأن الأمر يستغرق وقتاً لتتمكن مثل هذه المجموعة المتنوعة العمل معاً بسلاسة".

يحاول معهد أبحاث TRON  أن يوضح سبب اختلاف هذا النهج الجديد اختلافاً جذرياً عن النهج التقليدي: "تخضع منذ القدم صناعة المستحضرات الصيدلانية من اكتشافات البحوث الأساسية لاختبارات سريرية. لكن التطورات الأخيرة قد أحدثت تغييرات ملحوظة في هذه العملية. ونتيجة لذلك، فإن النهج التقليدي في قسمي البحوث الأساسية والسريرية قد انفصلت عن بعضها وتسمى الفجوة الناتجة في البحوث التطبيقية بـ "وادي الموت".

واحد من أبشع الشياطين الذين يعيشون في "وادي الموت" هذا هو بلا شك السرطان. وفقاً لشاهين: "لم يتغير علاج بعض أنواع السرطان كثيراً في العقود القليلة الماضية ويجب إيجاد حل سريري جديد في أقرب وقت ممكن". هناك مجموعتان بحثيتان نشطتان في معهد أبحاث TRON ، وكلاهما يبحث في أساليب مستقبلية لعلاج السرطان، ولكن بطرق مختلفة: "مركز صناعة المؤشرات الحيوية" الذي يضع مؤشرات حيوية سريرية أو مؤشرات حالة لأنواع السرطان، و "مركز العلاج المناعي" الذي يسعى إلى معالجة السرطان بمساعدة نظام المناعة عند الإنسان.

 

فكرة سخيفة

كان استخدام الجهاز المناعي لمحاربة السرطان، أو العلاج المناعي للسرطان يعتبر فكرة حمقاء منذ البداية. خطر في ذهن شاهين وزوجته أوزلم تورتشي، المولودان لعائلات تركية مهاجرة في ألمانيا، فكرة لقاح للسرطان في أوائل التسعينيات عندما كانا طالبي طب في جامعة يوهانس غوتنبرغ في ماينتس.

يقول شاهين: "هذه حاجة طبية ملحة للغاية. يموت حوالي 10 ملايين مريض بالسرطان كل عام. يركز بحثي على العلاج المناعي. نحن نعمل على تطوير علاجات للسرطان مثل اللقاحات والأجسام المضادة لتوعية وتقوية الجهاز المناعي للمريض لمهاجمة الخلايا السرطانية".

منطق العمل بسيط: لا يوجد مريضان لهما نفس الطفرات الوراثية في خلايا السرطان المصابان به، لذا يجب أن يكون علاج كل مريض شخصياً خاص به. والجهاز المناعي في الجسم هو الجهاز الوحيد الذي يستطيع التكيف. لذلك، يجب استخدام هذا الجهاز المناعي في الدفاع عنه. هل حلت المشكلة!.

للأسف، فإن ترجمة هذه الفكرة إلى واقع واستخدام جهاز المناعة لمكافحة السرطان هو عملياً ليس بالأمر السهل. قبل ثلاثة عقود، وجدت معظم شركات الأدوية فكرة تطوير لقاح ضد السرطان سخيفة ورفضت حتى التفكير في مفاهيم العلاج المناعي.

يقول شاهين، الفائز بجائزة المصطفى 2019 عن "تطوير والاختبار السريري للقاح علاج السرطان بناء على RNA عند كل مريض نظراً إلى طفراته" أن: أبحاثي تدور حول تقوية نظام المناعة لدى المريض لمكافحة السرطان وغيره من الأمراض".

يوضح شاهين أن التحدي الأكبر الذي يواجه علاج السرطان هو أن كل مريض يعاني من نوع مختلف من السرطان. حتى عند المريض الواحد، هنالك مليارات الخلايا السرطانية أيضاً تختلف عن بعضها البعض. تتجاهل الطريقة الحالية لعلاج السرطان هذا التحدي. لهذا السبب يستجيب 20 إلى 30 بالمائة فقط من مرضى السرطان للعلاج.

ويقول: "السؤال الأساسي في أبحاثي هو كيف يمكن اختراع علاجات السرطان لمواجهة هذا التحدي والرد عليه. لقد أدت أبحاثي إلى اختراع العلاج المناعي للسرطان بطريقة مخصصة لكل شخص. أي أننا نحلل سرطان كل مريض على حدة، ونحدد السمات الفريدة لسرطان ذلك المريض، وفي النهاية نصنع لقاح يناسب ذلك الشخص. بمعنى آخر، كل فرد يتلقى معالجة خاصة به".

نحتاج في بناء مناعة ضد السرطان إلى توجيه نوع من الخلايا اللمفاوية تسمى الخلية التائية T التي تلعب دوراً حيوياً في الاستجابة المناعية لتهاجم البروتينات على سطح الخلايا السرطانية التي تظهر عن طريق الطفرات الجينية. في حين يكون تشخيص هذه الطفرات من قبل الجهاز المناعي متأخر جداً وغير كافي.

الحل العبقري لشاهين وفريقه هو لقاحات شخصية تدرب الخلايا التائية T في الجسم على مهاجمة الأورام السرطانية. يستخدمون ناقلات RNA ويقومون بترميزها بطريقة لتحتوي على جميع المعلومات اللازمة للخلايا التائية وإخبارهم بنوع البروتينات التي يجب انتاجها. ناقلات RNA المهندسة تمنحها إمكانية تحديد البروتينات الطافرة الفريدة على سطح الخلايا السرطانية للشخص وتعبئة الاستجابة المناعية للشخص في مواجهة طيف من الطفرات السرطانية.

ومع ذلك، لا تعمل هذه الطريقة إلا في حالة وجود طفرة معينة غير موجودة في أي مكان آخر في الجسم. تم تسهيل وتسريع عملية العثور على الطفرات وإدخالها في ناقلات RNA  بواسطة تقنيات حساب كمبيوترية وتسلسل جيني أكثر سرعة.

 

الروح القتالية

في عام 2017، نشرت مجلة الطبيعة مقالتين مثيرتين تثبتان فعالية هذه الطريقة العلاجية. طبقت كلتا الدراستين هذه الطريقة لأول مرة على البشر. أحدها في شركةBioNTech  للتكنولوجيا الحيوية، وهي شركة رائدة في مجال العلاج المناعي الشخصي وقد تأسست عام 2008 ورئيسها التنفيذي هو آغور شاهين. أظهر شاهين وغيره من مؤلفي هذه المقالة أن اللقاح كان قادراً على وقف انتشار سرطان الجلد في خمسة مرضى وتقليص أورامهم.

كتبوا في هذه المقالة: "يثبت بحثنا أنه يمكن استخدام الطفرات الفردية وبالتالي تمهيد الطريق أمام العلاج المناعي الشخصي لمرضى السرطان. يبدو أن العلاج المناعي وتطوير اللقاحات للسرطان المرتكز على ناقلات RNA قد وصل إلى مرحلة الاستخدام السريري: وهو النموذج الحقيقي على فعالية أبحاث من المكتب إلى السرير.

في العامين الماضيين، أبدت العديد من شركات الأدوية اهتماماً بالاستثمار في هذه الطريقة الجديدة لنقل المعلومات الوراثية ومجموعة من الأدوية الجديدة التي يمكن أن تعطي نتائجاً. لكن لم يتم بعد إثبات فعالية لقاح السرطان، وقد أثبتت العديد من هذه الجهود في الماضي أن مصيرها ليس سوى تحولها إلى شرارة من الأمل وإضافة إلى قائمة طويلة من المحاولات اللامتناهية. ومع ذلك، هناك حاجة إلى سلاح بنفس التعقيد على الأقل لمحاربة مرض معقد، وبالطبع إلى روح قتالية.

 


icon

البروفيسور علي خادم حسيني

العلم والتكنولوجيا الحيوية والطبية

مولود :

1975

الجنسیة:

إيران

الأعمال:

الهلاميات المائية (الهيدروجيل) النانوية والبيولوجية للتطبيقات الطبية والحيوية

-

تغيير العالم

نظرة مقربة على حياة الدكتور علي خادم حسيني

بالنسبة لباحث في فرع الهندسة الحيوية، لا يمكن تخيل جنة مبهجة أكثر من مختبر على "جسر" بين كلية الطب وكلية الهندسة في واحدة من أفضل الجامعات الرائدة في العالم. تماماً هنا على هذا الجسر الاستراتيجي، يقع مختبر خادم حسيني في جامعة كاليفورنيا لوس انجلوس UCIA. يقول علي خدام حسيني، البروفيسور في فرع الهندسة الحيوية والهندسة الكيميائية والأشعة بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، أن: "أبحاثنا تربط بين الجسرين حقاً، وهذا هو أحد الأشياء التي تثير حماسناً كثيراً".

ولد علي خادم حسيني في طهران في 30 تشرين الأول اكتوبر عام 1975. يقول: "أذكر أنني نشأت مع أخي في عائلة مقربة". كان والدانا يشجعاننا دائماً على بذل قصارى جهدنا والتقدم إلى الأمام. أعتقد أن والدي ووالدتي قد ساعداني على التمسك بالقيم المهمة في الحياة"؟

ثم تغير كل شيء عندما بدأت الحرب بين إيران والعراق عام 1981، عندما كان عمره خمس سنوات فقط. يقول: "أتذكر بوضوح عندما كنت جالساً في أحد الأيام عندما ظهرت من عدة منازل قريبة غيمة تشبه الفطر، تلك التي سقط فيها أحد الصواريخ. من البديهي أنها كانت تجربة لا يمكن نسيانها أبداً، ولكن في الوقت نفسه، تجعلك تدرك قيمة وقدر الفرص التي تملكها الآن".

عندما كان عمر علي 12 عاماً، كان يقضي أوقاته تسليته بلعب ألعاب الفيديو والمطالعة، وكان يستمتع بممارسة الرياضات خارج المنزل أيضاً. كان يحب دروس الرياضيات والعلوم في المدرسة. كان يختار مهناً مختلفة للمستقبل مع كل مرحلة من عمره، من رياضي محترف إلى لاعب شطرنج إلى معلم في الثانوية. ولكن بعد ذلك، عندما ذهب إلى الجامعة وأدرك شغفه بالبحث، أراد أن يصبح عالماً.

يقول: "لقد كنت دائماً مهتماً بمعرفة كيف يعمل العالم وماهية القوانين الأساسية التي تحكمه. شاهدت الكثير من الأفلام الوثائقية عن الطبيعة والعلوم والتكنولوجيا. لكن على الرغم من كل هذا، لم تستطع أن تحفز اهتمامي الحقيقي حتى السنة الثالثة في الجامعة عندما قمت بتجربة أول أبحاثي".

في صيف عامه الثالث عندما كان يدرس الهندسة الكيميائية في جامعة تورنتو، أتيحت له الفرصة تحت إشراف الدكتور مايكل سيفتون المشاركة في بحث حول المواد الحيوية لطلاب المرحلة الجامعية. كان من الرائع أن يرى أن المعرفة الهندسية التي كان يحبها في الجامعة تفيد في حل المشاكل الطبية الهامة.

بعد حصوله على درجة الماجستير من جامعة تورنتو (2001)، تم قبوله كطالب دكتوراه في جامعة ام آي تي. هناك، تعرف على الدكتور روبرت لنغر، أحد الأساتذة الاثنا عشر المتميزين في ام آي تي ومهندسي الطب الحيوي المشهور عالمياً والذي قام بإلهامه. يقول: "البروفيسور روبرت لنغر قد أظهر لي أنه لا يوجد حد لما يمكن أن يحققه الإنسان". لقد لعب دوراً مهماً في مسيرتي. تشاهد تواضع ولطف هذا الشخص مع الأشخاص الذين يتعامل معهم. فتغيرك هذه العقلية. لا يزال يحفزني ويدفعني للأمام". حصل خادم حسيني على درجة الدكتوراه في الهندسة الحيوية من ام آي تي في عام 2005 وكان الدكتور لنغر أستاذه المشرف.

الأستاذ الآخر الذي كان له تأثير كبير على خادم حسيني هو نيكولاس بيباس من جامعة تكساس في أوستن، الذي ساعده على تحسين مهاراته في "التفكير النقدي وإدارة الحياة الأكاديمية".

كان خادم حسيني أستاذاً في كلية الطب بجامعة هارفارد ومديراً لـ "معهد أبحاث المواد الحيوية"، وهو رائد في تطوير المواد الهندسية للتطبيقات الطبية الحيوية. ثم انضم إلى "برنامج العلوم الصحية والتكنولوجيا"، وهو أحد أكبر أوجه التعاون الأكاديمي بين جامعة هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (ام آي تي) في نصف قرن الماضي. انضم إلى جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس في نوفمبر 2017، وهو الآن المدير المؤسس لـ "مركز العلاجات طفيفة التوغل" في هذه الجامعة.

يحاول خادم حسيني دمج الهندسة والطب في ابتكار مجموعة متنوعة من الحلول التشخيصية والعلاجية. على سبيل المثال، ابتكر فريقه طرقاً لهندسة الأنسجة الاصطناعية باستخدام التطورات الحاصلة في مجال بيولوجيا الخلايا الجذعية والطباعة ثلاثية الأبعاد وعلوم المواد. يقول: "يمكن أن يكون لأبحاثنا تأثيراً كبيراً في الطب من خلال بناء علاجات دائمة يمكن أن تساعد المرضى في العديد من أنواع الأمراض المختلفة، من السرطان إلى القرحة وفشل الأعضاء نتيجة للشيخوخة"، كما يقول: "لدى عملنا القدرة على تغيير طريقة العلاج".

خادم حسيني مؤلف لأكثر من 600 مقالة علمية وفصل في كتب تم الاقتباس منها أكثر من 55 ألف مرة (75٪ منها في السنوات الخمس الماضية)، وهو ما رفع من مستوى مؤشر اتش في مقياسه العلمي إلى 123. على مدار الأعوام القليلة الماضية، اختير كأحد "أكثر العلماء تأثيراً في العالم" من قبل معهد طومسون رويترز وقد أدرج اسمه ضمن قائمة "أكثر الباحثين اقتباساً" لمؤسسة ويب آو ساينس. هذه القائمة مخصصة للباحثين الذين تصنف أعمالهم في أعلى 1 في المائة من أكثر الأعمال اقتباساً لكل فرع في نفس العام. وهو أيضاً عضو في مجلس تحرير العديد من المجلات عالية التأثير مثل ACS Nano و Small و Bio fabrication و Lab on a Chip و Bio macromolecules.

فاز خادم حسيني بأكثر من 40 جائزة وطنية ودولية هامة، بما في ذلك جائزة رئاسة الجمهورية الأمريكية لعام 2011 للعلماء والمهندسين الجدد، وهو عضو في العديد من الجمعيات العلمية، سواء في أمريكا أو غيرها من الدول، بما في ذلك "الجمعية الأمريكية لتقدم العلوم" و"الجمعية الملكية للكيمياء".

خادم حسيني رجل الأسرة. يقول: "عندما أكون في المنزل أحب ملاعبة ولدي وتعليمه بعض الأشياء. أحب قضاء الوقت مع ابني! بالإضافة إلى ذلك، أحب قضاء الوقت مع أصدقائي. كانت زوجتي دائماً ممن دعمني وتحاول أن نخرج معاً في الأيام المشمسة في لوس أنجلوس والقيادة على طرق كاليفورنيا".

يحب أن يشتهر كأستاذ مشرف جيد يذكر اسمه. يقول: "أهتم بكل شخص يتواصل معي وأبذل قصارى جهدي للتأكد من أن عيشهم حياة طيبة". يعمل الآن العديد من طلابه السابقين والباحثين بعد الدكتوراه الذين كانوا في مختبره كباحثين ناجحين في أرقى جامعات العالم. وهذا هو السبب في حصوله على منصب أستاذ مشرف بارز لطلاب المرحلة الجامعية الأولى في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.

يحاول العديد من الطلاب المهتمين بالعمل مع خادم حسيني، وخاصة من إيران ودول الشرق الأوسط الأخرى، الدخول إلى مختبره. ويقول: "أضع نفسي دائماً في مكان أحد المتقدمين للانضمام إلى مختبري. نصيحتي الأكثر أهمية لجميع الطلاب هي تجربة الأشياء المختلفة أولاً والعثور على اهتماماتهم الخاصة.". يعتقد خادم حسيني أن على الباحث أن يؤمن بأنه يقوم بحل مشكلة هامة. وبرأيه: "ما نقوم به ليس فقط للترفيه، مثل حل جدول لا يهم أي شخص في النهاية. إذا قمت بعملك بشكل صحيح، يمكنك أن تكون مؤثراً، ويمكنك تغيير العالم".

 

طباعة الحياة الإحتياطية

قد يعود الإحياء إلى مستقبل بعيد نسبياً، إلا أنه بالرغم من ذلك يبدو مستقبلاً طبياً.

الإحياء تشبه الكلمة التي تجسد كل الأحلام الطيبة للمريض الذي يحتاج إلى عملية زرع، ومهندس يقوم دفعة واحدة بتجسيد عملية إحياء في جسده. أذا توقفت كليتيك عن العمل، فهل ترغب في طباعة زوج جديد منها؟ إذا لم تتوفر لمريضك عشية وفاته رئة مع أنسجة متكيفة، فهل ترغب في طباعة زوج جديد من الرئتين باستخدام خلاياها الخاصة؟ هل يبدو هذا كمثال متطرف لتحويل العلم إلى السحر؟

أنسجة وأعضاء الكائنات الحية هي نتيجة للعمليات التطورية مع البرمجة الجينية التي تطورت على مدى فترة طويلة. الآن، يبدو أن التكنولوجيا الحيوية أصبحت بديلاً اصطناعياً لصنع الأنسجة وحتى الأعضاء الكاملة: النسخة الثانية من الحياة. وتصبح الحاجة إلى نسخة ثانية من الحياة أكثر إلحاحاً عند توقف الحياة الأولى عن العمل، وهي نوع من الحياة بعد الحياة.

***

ستزداد شيخوخة سكان العالم في العقود القادمة ويقدر أن يتضاعف عدد من تزيد أعمارهم عن 65 سنة بحلول عام 2050 وهو ما يمثل سدس سكان العالم. تواجه طرق العلاج الحالية بما في ذلك المفاصل الاصطناعية وزرع الأعضاء، العديد من المشكلات مثل العفونة والأورام الخبيثة وضرورة كبت الجهاز المناعي ونقص الأعضاء في عملية الزرع. توفر الهياكل الثلاثية الأبعاد وغيرها من العلاجات الترميمية خياراً موثوقاً به للتصدي للتآكل الطبيعي لأعضاء هذه الفئة العمرية الهرمة من خلال العمليات الجراحية طفيفة التوغل.

 

اطبع أو مت

المبدأ الأساسي للطباعة الحيوية هو إنتاج متزايد أو خليط من الخلايا والألياف والمواد الهلامية التي يتم طباعتها طبقة تلو الأخرى. على هذا النحو، تلعب تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد دوراً رئيسياً في عملية الإحياء كأداة قوية لوضع الخلايا في مصفوفة بدقة.

تتكون العديد من الأنسجة من عدة أنواع من الخلايا. لذلك، من الأفضل طباعة جميع أنواع هذه الخلايا بدلاً من استخدام الخلايا الجذعية وانتظار تفاضلها. يأمل الباحثون في تتمة الأمر أن تقوم الأنسجة المطبوعة بتجديد تنظيم نفسها وتكوين بنية ناضجة ومترابطة تماماً.

حالياً، تطول قائمة الهياكل أو الأشياء التي يمكن طباعتها باستخدام هذا الحبر الحيوي، وتشمل مجموعة من الأنسجة مثل الجلد والأوتار والغضاريف والعظام والأوعية الدموية والعصب وخلايا جزر البنكرياس والقصبة الهوائية وكذلك الأعضاء الكاملة مثل الكلى والمثانة والكبد والرئة والقلب وما إلى ذلك.

يمكن استخدام هذه الأنسجة والأعضاء في كلّ من العلاج والبحث أيضاً: يمكن استخدامها كبديل للأشخاص المحتاجين لعملية زرع الأعضاء واستبدالها بأنسجة أو أعضاء تالفة. من ناحية أخرى، يمكن استخدامها كنموذج واقعي لاختبار الأدوية الجديدة واكتشاف آليات بيولوجيا الخلية وتقليل استخدام الكائنات الحية في البحوث.

 

العظام المثيرة للجدل

الحبر الحيوي المستخدم في الطباعة ثلاثية الأبعاد هو في الواقع مادة حيوية مملوءة بالخلايا يتم تزويدها عبر الجهاز الناسخ. على سبيل المثال، الحبر المستخدم في الطباعة الحيوية للعظام عبارة عن هيدروجيل يحتوي على خلايا وسيراميك حيوي نشط وعوامل نمو يجب أن تكون مستقرة عند درجة حرارة الجسم الطبيعية. الهيدروجيل في الحقيقة عبارة عن شبكات من البوليمرات المحبة للماء مثل الكولاجين أو السكريات المتعددة التي تتحول إلى مادة هلامية عند تلقيها المياه (أكثر من 90٪ منها عبارة عن ماء). الهيدروجيل في الأساس شبيه بأنسجة طبيعية تم تفريغها من جميع خلاياها. وليتمكن الباحثون من منح الهيدروجيل شكلاً ثلاثي الأبعاد مستقراً فهم يقومون بتقليد سقالة لنسيج طبيعي من ألياف متناهية الصغر للربط المتقاطع. وهي تعمل كوسيط يمكن إدارته عن طريق إضافة الجزيئات الحيوية الناقلة إليها.

الهيدروجيل الأكثر شيوعاً في الطباعة الحيوية للألجينيك أو أملاح حمض الألجنيك، هو السكريات المتعددة المشتقة من الطحالب البنية. يتحول الألجينيك عند ملامسته للماء إلى صمغ لزج وكثير المسام، وهو المادة الأحيائية الأكثر استخداماً على نطاق واسع بسبب قلة تكلفتها وطبيعتها الحيوية المتوافقة. وهناك مادة حيوية أخرى يتم البحث فيها لاستخدامها كحبر حيوي هي ألياف الحرير التي يتم الحصول عليها من كل من دودة القز وشبكة العنكبوت.

ما يتم طباعته الآن باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد هي السقالة التي يمكن لاحقاً زرعها في خلايا النسيج المستهدف. لكن الطباعة ثلاثية الأبعاد قد مضت الآن في خطوة جديدة إلى الأمام، باستخدام الحبر الحيوي الذي يحتوي على خلايا ومواد حيوية نشطة، وله العديد من المزايا مقارنة بالطباعة "التقليدية" المكونة من مرحلتين.

العظام هي من بين الأنسجة الأكثر طلباً في جراحة زرع الأعضاء. يمكن أن تتلف العظام نتيجة للعديد من العوامل مثل التشوهات الخلقية والصدمات و المرض أو الجراحة. عادة ما يتم تأمين عمليات ترميم هيكل وآلية العظام من نفس الجسم أو يتم التبرع بها من قبل شخص آخر، وبما أنه يتوجب أن تكون الزراعة صحية، فيجب اعتبارها مصدراً محدوداً. والمواد الحيوية الاصطناعية أيضاً لا تملأ هذا الفراغ بشكل صحيح. ومع ذلك، فإن العظم عبارة عن نسيج حي معقد يحتوي على أوعية دموية، ويمكن أن يصاحب استخدام هذه التقنية في العلاج مشكلات مثل رد الفعل المناعي أو عدم وجود خواص ميكانيكية مناسبة أو القدرة على الالتئام في مكان الزرع في جسم المتلقي.

 

في المستقبل القريب نسبياً

نظراً إلى جميع هذه التحديات الرهيبة، فلا عجب أن تتحول الطباعة ثلاثية الأبعاد إلى واحدة من حدود مجال أبحاث الطب الترميمي التي تتجه للتطور بسرعة. استقطب بناء هياكل مخصصة معقدة لعلاج الترميم الشخصي مؤخراً اهتمام العديد من الباحثين.

يقع الكثير مما قيل أعلاه وأكثر من ذلك بكثير، ضمن مجال أبحاث على خادم حسيني، أستاذ الهندسة الحيوية ومدير "مركز العلاجات طفيفة التوغل" في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس. وهو أحد أبرز المتخصصين في هندسة الأنسجة على مستوى العالم، وهو يقر بأن الهدف الرئيسي للطباعة الحيوية الآن هو استخدامه المخبري لتقليل عدد الأدوية غير الفعالة. وبهذه الطريقة، يمكن اختبار أدوية مختلفة على نسيج فريد للمريض من الناحية الوراثية خارج جسده قبل إعطاء الدواء.

خادم حسيني الفائز بجائزة المصطفى 2019 عن "الهيدروجيل النانوية والمجهرية للاستعمالات الطبية الحيوية"، يقر بأن الكثير مما يظهر في أحلام مجال الطباعة الحيوية وخاصة في شكل زراعة الأعضاء عن طريق وضع الخلايا في هياكل مطبوعة وتحويلها إلى نسيج وظيفي حي، "لا تزال ينتمي إلى مستقبل بعيد نسبياً". في المستقبل، يمكننا بالتأكيد صنع أنسجة وأعضاء مخصصة لكل شخص باستخدام البيانات الجينية لديه.

هذه الأنواع من التجارب جارية بالفعل، ويتم ادخال نتائجها في خوارزميات التعلم الآلي لتحسين القدرة على التنبؤ. على الرغم من أن التحديات لا حصر لها وكثيرة، ولكن كما قال خادم حسيني في مقابلة مع وسائل الإعلام في كلية الهندسة الصامويلية في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس: "أنا متأكد من أننا سنكون قادرين على حلها مع مرور الوقت". وما يزال عدد غفير من الباحثين في الشرق الأوسط يعملون الآن على مواضيع مماثلة في أرقى جامعات العالم بما في ذلك في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس وكلية هارفارد الطبية.

كل هذا الكلام عن الطباعة الحيوية يذكّر العديد من الناس بالمسلسل التلفزيوني "العالم الغربي" الذي تم انتاجه وفقاً لرواية لمايكل كرايتون في عام 1973. تُظهر العناوين الأولية طابعتين ثلاثية الأبعاد تعملان في وقت واحد وتخرجان من أفواههما آخر مراحل أجهزة الهيكل العظمي والعضلي والدورة الدموية وفي النهاية جلد المضيفين الروبوتيين لمدينة الألعاب مع خيولهم وبنادقهم. ولكن هناك العديد من المختبرات في جميع أنحاء العالم التي تعمل بأقصى جهدها في البحث وبناء جميع أبعاد هذه الفكرة. كثير من هذه التخيلات ستتحول قريباً إلى علم حقيقي.


icon

البروفيسور عمران اينان

الفيزياء الأيونية والجوية

مولود :

1950

الجنسیة:

تركيا

الأعمال:

فهم تفاعلات موجة وذرة حالة ويسلر في الفضاء القريب من الأرض والاتصال الكهروديناميكي بين تفريغ البرق وغلاف اتمسفر الجوي العلوي

-

همس الصواعق

نظرة مقربة على حياة عمران سافاش اينان

بعد منتصف الليل في 15 سبتمبر 2015، قام عمران إينان أستاذ الهندسة الكهربائية في جامعة ستانفورد، وزملاؤه بالتقاط صورة لحدوث صاعقة مذهلة فوق خلايا عاصفة رعدية على بعد 200 كيلومتر من موقعهم. تم تسجيل مثل هذا الحدث للمرة الأولى بواسطة كاميرات الفيديو قبل حوالي عقد من الزمن. ولهذا كانوا يتوقعون بالفعل نوعاً عجيباً من التفريغ الكهربائي، لكن ما رأوه فاق توقعاتهم. على ما يبدو كان الحدث عبارة عن صاعقة للأعلى تسمى "النافورة الزرقاء"، لكن هذه المرة ارتفعت نافورة الصاعقة إلى حوالي 70 كيلومتراً في السماء، أي ما يقرب من ضعف ارتفاع نافورة زرقاء تقليدية قد شوهدت من قبل.

في تلك الليلة، اكتشف اينان مع زملائه نوعاً جديداً من التفريغ الكهربائي، المعروف الآن باسم "النوافير العملاقة". لقد كتبوا في التقرير الذي نشر حول هذا الحدث في مجلة الطبيعة، "نظراً لمشاهدة هذه الظاهرة فوق خلية عاصفة رعدية صغيرة نسبياً، فقد افترضنا أنها أمر شائع". ولكن تبين فيما بعد خلاف ذلك حيث أن  النوافير العملاقة حالات نادرة لدرجة أنها لم تشاهد سوى 12 مرة فقط منذ ذلك الحين وحتى الآن.

 

أبعد عن مهندس

ولد عمران سافاش إينان في أرزنجان في تركيا (1950)، وهو أستاذ متقاعد في الهندسة الكهربائية بجامعة ستانفورد، يتمتع بشهرة عالمية كباحث رائد في دراسة ظواهر طبقات الغلاف الجوي العلوية. على الرغم من خلفيته الدراسية في الهندسة الكهربائية في المرحلة الجامعية (1972) والماجستير (1973) في جامعة الشرق الأوسط التقنية في أنقرة، فإن العديد من مقالاته كثيرة الاقتباس هي في مجال فيزياء الجو المجاور للأرض. عندما ذهب إلى ستانفورد للحصول على درجة الدكتوراه في الهندسة الكهربائية، وجد أن فريقه البحثي كان يعمل على موضوعات أكثر ارتباطاً بالفيزياء الفضائية والفيزيائية الجوية أكثر من الهندسة. يقول اينان: "في البداية، كنت قلقاً من أن مجال البحث كان تخصصياً للغاية، لا سيما عندما أعود إلى تركيا".

فيما بعد أصبح مهتماً بفيزياء وكيمياء طبقات الغلاف الجوي العلوي، وبينما كان بإمكانه الانضمام إلى أي مجموعة بحثية أخرى في كلية الهندسة الكهربائية، فقد فضل متابعة ذلك المجال، وقد كان مجالاً جديداً جداً وصعباً بالنسبة له. ووفقاً لكلامه: "بسبب قاعدتي التعليمية القوية في تركيا ورغبتي الشخصية في هذا الموضوع، وبالطبع، لأنني أفضل دائماً أن أخوض غمار التحديات بدلاً من سلوك الطريق السهل، فقررت المتابعة في هذا الموضوع".

ومع ذلك، يمكن أن يكون للقرار جذوراً في طفولته. كان والده رئيساً لإدارة التنبؤ في المؤسسة التركية للأرصاد الجوية، ومن الواضح أن علاقة وصلة اينان بشؤون الغلاف الجوي بما في ذلك الصاعقة ربما كانت لديه منذ الطفولة أكبر من أي طفل آخر. كما أثرت أيضاً وظيفة والده كموظف حكومي على مستقبله المهني بطريقة أخرى. لم يكن اينان من الأطفال الذين يحبون البقاء في المنزل وكان يخرج مع أخويه للعب كرة القدم والكرة الطائرة مع أطفال الجيران. لكن في كل مرة كانت الحكومة تتغير فيها، كان والده قلقاً بشأن تعيينه للعمل في مدينة جديدة. بسبب هذه الانتقالات غير السارة، لم يرغب اينان منذ طفولته في العمل لصالح الحكومة أو حتى لصالح الصناعة والقطاع الخاص. ووفقاً لكلامه: "في بداية المرحلة الثانوية، قررت أن أصبح أكاديمياً وكانت برأيي مهنة يمكن فيها أن أكون رئيس نفسي".

قرار اينان أن يصبح أكاديمياً لم يكن مجرد مسألة اختيار مهنة، بل أراد منذ أن كان يافعاً متابعة العلوم. لقد كان عطشه للمطالعة كبيراً لدرجة أنه لم يستطع حتى التغاضي عن مطالعة العلب أو العبوات المصنوعة من الصحف منتهية الصلاحية. ونشأ اهتمامه بالعلوم من خلال حماسه وفضوله للقراءة. كان زبوناً منتظماً للمكتبات الأمريكية والإنجليزية في أنقرة، وعندما كان يجوب هذه المكتبات تعرف بالصدفة على كتب عن الكيمياء والفيزياء، وأولع بها لدرجة أنه قرر فتح مختبر خاص به. يستذكر اينان: "اعتدت أن أنفق كل ما لدي مال على المعدات الكيميائية، وأحياناً كنت أقوم بتجارب كانت خطيرة حقاً في المختبر الذي أنشأته على شرفة منزلنا".

 

أصدقاء جيدون

بعد حصوله على إجازة الدكتوراه في الهندسة الكهربائية من جامعة ستانفورد عام 1977، أصبح باحثاً في الهيئة التدريسية في الكلية ثم أصبح أستاذاً مساعداً في الهندسة الكهربائية في عام 1982. حصل على درجة الأستاذ المشارك عام 1985 وحصل على درجة أستاذ بروفيسور في جامعة ستانفورد عام 1992. بين عامي 1997 و 2010، ترأس مختبر "الفضاء والاتصالات عند بعد وعلوم الراديو".

خلال حياته المهنية، كتب أو شارك في كتابة أكثر من 360 مقالة علمية. كُتبت بعض من أكثر مقالاته اقتباساً بالتعاون مع تيموثي بيل أستاذه الاستشاري في جامعة ستانفورد، والذي كان له إلى جانب روبرت هيلفيل (1920 إلى 2011) ، أستاذه المشرف في مرحلة الدكتوراه، التأثير الأكبر على مساره المهني العلمي. ويقول اينان: "لقد تعلمت الكثير منهما. عندما أصبحت عضواً في الهيئة التدريسية وأصبحت رئيساً لمجموعتنا البحثية، جاء دوري لدعمهم وخلق بيئة أكاديمية مثمرة وممتعة لهم ولطلابنا الكثيرين".

بعد سنوات عديدة من التميز في جامعة ستانفورد، خاض اينان تجربة مهنية أخرى منذ عام 2009 كرئيس لجامعة كوتش في تركيا. يقول أن هنالك أسئلة بقيت في أبحاثه ذات صلة بقياس الكواكب، منها: "إذا لم يكن هناك نشاط صواعق في الطبقات السفلى من الغلاف الجوي، فهل سيكون هناك فرق كبير في الأحزمة الإشعاعية للأرض؟". لكن لم يعد لديه أي خطط جديدة للبحث في هذا المجال. ومع ذلك، فهو ليس قلقاً بشأن إرثه العلمي: "إنه لشرف لي أن أقول إن 15 من طلاب الدكتوراه الذين تخرجوا تحت اشرافي هم الآن أعضاء في الهيئة التدريسية في جامعات مختلفة ويبحثون عن إجابات لهذه الأسئلة وغيرها من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها حتى الآن".

تخرج 60 طالباً تحت إشراف اينان خلال فترة عمله كاستشاري أول في رسالات الدكتوراه في جامعة ستانفورد منذ عام 1990. يقول: "كان لطلاب الدكتوراه الستين هؤلاء الذين كنت استاذهم الاستشاري دوراً كبيراً في مسيرتي المهنية". إن التخرج الناجح لجميع هؤلاء الطلاب الرائعين والأصدقاء الجيدين هو" أهم إنجاز" في مسيرته، "أهم من أي مقالة كتبتها وأي محاضرات علمية ألقيتها".

وهو يعتقد أن الشرف في أي عمل يقوم به الشخص والصدق في التعامل مع الآخرين، هما أهم جوانب الحياة. "الصداقة الشريفة والتعاون الصادق والودي بين الناس هي أهم الأشياء في الحياة، ولذلك ففي نهاية الحياة المهنية، إن الأشياء الوحيدة التي تهم هي الصداقات وذكريات الأعمال الجيدة التي قمت بها مع الناس ومن أجل الناس".

 

ما القصة هناك في الأعلى؟

إن اكتشاف الصاعقة بين الأرض والفضاء أجبر العلماء على إعادة النظر في طبيعة هذه الظاهرة المذهلة.

هذا الوميض الضوئي الهابط نحو الأسفل في السماء ودوي مهيب يسمع بعد بضع ثوانٍ. بالنسبة لمعظمنا، فإن هذا تعريف كامل للصواعق وخالي من النواقص، وهي ظاهرة مألوفة تحدث في جميع أنحاء العالم 50 مرة كل ثانية أو 4 ملايين مرة في اليوم. لكن إذا سألت الخبراء، فسيخبرونك أنه على الرغم من مضي قرون من الفحص العلمي ووفرة من المعلومات، إلا أن الصواعق ما تزال لغزاً عجيباً.

على مر التاريخ، كانت عظمة وقوة الصواعق أرضية خصبة لخيال الناس وخوفهم. على سبيل المثال، نسبها اليونانيون القدماء إلى زيوس إلههم الأقوى. ومع ذلك، كشفت التجارب العلمية المبكرة التي أجريت في منتصف القرن الثامن عشر بما في ذلك تجربة بنيامين فرانكلين الشهيرة مع كيت، النقاب عن طبيعة الصواعق الكهربائية. لكن حتى بعد الوصول إلى هذا الفهم الحديث للصواعق، تستمر الظاهرة في كونها أساساً لذهول مراقبيها المحظوظين.

منذ أكثر من قرن، خاصة منذ ظهور الطيران، كانت هناك العديد من التقارير التي تصف عروضاً ضوئية غير عادية في الطبقات العليا من السماء. على الرغم من أن الكثير من هذه الأوصاف كان يمكن تفسيرها بالشفق القطبي أو نوع من السحب المشرقة الاستثنائية، لكن بعضها كان مربكاً بشكل خاص، خاصة تلك التي كان يشاهدها الطيارون أحياناً أثناء التحليق فوق العواصف الرعدية في سماء الليل. وفقاً لهذه التقارير، يمكن أن تحدث الصواعق بأشكال وألوان غريبة وكذلك في مواقع واتجاهات غير عادية.

 

لن تصدق حتى ترى

حتى نهاية القرن العشرين، اعتبر المجتمع العلمي هذه التقارير مزيفة إلى حد كبير. لكن في عام 1989، عندما التقط جون وينكلر وزملاؤه في جامعة مينيسوتا لأول مرة صورة أحد هذه الأشباح الغامضة باستخدام كاميرا فيديو، اتضح أن هنالك أنواعاً مختلفة من الصواعق بميزات وصفات مختلفة تماماً. أدى نجاح وينكلر إلى ازدهار نشاط جديد بالكامل لتسجيل وتوثيق هذه الظواهر الكهربائية التي تحدث على ارتفاعات عالية. منذ ذلك الحين، تم اكتشاف العديد من الأنواع العجيبة من الأعمدة الزرقاء الطويلة وصولاً إلى الصواعق على شكل حورية حمراء عملاقة.

بحلول نهاية التسعينيات، أصبح من الواضح أن ظواهر شبيهة بالصواعق لم تكن محصورة في الارتفاعات المنخفضة بين العواصف الرعدية والأرض. في الحقيقة، يمكن أن يحدث التفريغ الكهربائي على نطاق واسع من الارتفاعات، من الطبقات السفلى من الغلاف الجوي إلى 100 كم فوق العواصف الرعدية.

من المثير للدهشة أن هذه الظواهر الضوئية والتي يمكن رؤية الكثير منها بالعين المجردة، ظلت غير مكتشفة لأمد طويل جداً. الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو معرفة العلماء قبل مشاهدة هذه الظواهر بفترة طويلة بإمكانية حدوث  بعض أشكال الصواعق في الطبقات العليا من الغلاف الجوي. في الحقيقة، كانوا يعلمون أنه في الطبقات العليا تكون الاضطرابات الجوية أقل بكثير من طبقات الأرض القريبة، وتسبب الأشعة فوق البنفسجية للشمس في فقدان جزيئات غاز الإلكترون. هذه هي العملية التي تنتج الأيونوسفير، وهو غلاف حول الأرض يعتبر من الموصلات من الناحية الكهربائية.

كما هو الحال في السحب والعواصف الأرضية، يمكن أن يكون هناك فرق جهد كبير بين هذه السحب والأيونوسفير. لكن ما يحدث في الطبقات العليا يختلف عما نراه كسقوط صاعقة تقليدية على الأرض. تتناقص الكثافة الجوية مع تزايد الارتفاع، وبالتالي تحتوي الصواعق في الطبقات الأعلى على جزيئات أقل، مما يؤدي إلى نشوء أشكال وألوان مختلفة.

 

الكشف عن السر

تنقسم صواعق الغلاف الجوي العلوي وباصطلاح أدق "الظاهرة الضوئية العابرة"، إلى أربع فئات: الأشباح الحمراء والجان والنوافير الزرقاء وظاهرة أشعة جاما. على الرغم من أسمائهم الخيالية، حقق العلماء تقدماً ملحوظاً في فهم هذه الأحداث الجوية الشبحية بعد مضي فترة زمنية قصيرة نسبياً على اكتشافها. أحد الباحثين الرائدين في هذا المجال هو عمران اينان أستاذ متقاعد في جامعة ستانفورد والرئيس الحالي لجامعة كوتش في تركيا، الذي لعب دوراً مهماً في الصياغة النظرية لأسس فيزياء "الظواهر الضوئية العابرة".

اينان أحد الفائزين بجائزة المصطفى لعام 2019 من المقيمين في الدول الإسلامية، كان مع زملاؤه في جامعة ستانفورد بشكل خاص في طليعة مكتشفي الأشباح الحمراء والجنية. ويقول اينان: "إن ملاحظة هذه الظواهر الضوئية شائع للغاية لكن التي تحدث في الطيف تحت المرئي والتي تتراوح بين 50 إلى 100 كيلومتر كانت اكتشافاً مذهلاً في منتصف التسعينيات"، لكن معظم الأسس الفيزيائية وخصائص هذه الظواهر تمت دراستها ونمذجتها ووضع نظريات عنها بفضل أعماله العديدة والعديد من طلابه.

وطرحت واحدة من أولى النظريات الرئيسية في شرح الأشباح الحمراء والجنية في مقالة نشرت عام 1995، على يد اينان وفيكتور باسكو طالبه في مرحلة الدكتوراه في ذلك الوقت وكذلك تيموثي بيل من جامعة ستانفورد. وقد طرحوا هذه المسألة أن هذه الظواهر هي في الواقع نتيجة لسقوط نوع من الصواعق على الأرض. لقد أثبتوا في تلك المقالة أنه بعد سقوط صاعقة بشحنة ايجابية على الأرض، سينشأ حقل كهربائي فوق غيوم العاصفة لفترة قصيرة جداً. وفقا لما يقوله اينان: "فإن الإزالة المفاجئة للشحنة خلال تفريغ الصاعقة يؤدي إلى اختلال في الشحنة في المحيط، ثم يتم تقليل هذا الاختلال بشكل كهرومغناطيسي، مما ينتج عنه انزلاقات مضيئة تسمى بالأشباح على ارتفاعات تتراوح بين 50 و 70 كيلومتراً، في علو أكثر ارتفاعاً بكثير من مكان اصابة الصاعقة".

ناقش الباحثون الثلاثة في هذه المقالة، التي هي أيضاً واحدة من أكثر مؤلفات اينان اقتباساً، أن الإلكترونات الموجودة في الغلاف الجوي المنبعثة من سقوط الصواعق على الأرض تصطدم في الطبقات العليا من الغلاف الجوي مع جزيئات النيتروجين. يقول اينان: "الإشعاع الكهرومغناطيسي المكثف الذي ينتج عن الصاعقة، يقوم بتأيين جزيئات النيتروجين أثناء مروره من الأيونوسفير، ويخلق أقراصاً لامعة من الضوء على ارتفاع 100 كم، والمشهورة باسم الجان".

 

العالم المجهول

يقول باسكو أن وينكلر كان "محظوظاً تماماً" في التقاطه لصور عروض ضوئية هائلة فوق عاصفة بعيدة في عام 1989، لكنه يعتقد أنه "كان بداية لحقل علمي جديد". الحقل الجديد الذي صنع جسراً بين السماوات وقام بتوحيد علماء فرعين منفصلة في الفيزياء معاً. الغلاف الجوي السفلي المحايد كهربائياً هو إقليم علماء الأرصاد الجوية، لكن فيزيائيو الفضاء يتعاملون مع الجزيئات المشحونة في الغلاف الجوي العلوي. المنطقة بين هذين الإقليمين طويلة جداً بالنسبة للطائرات وقصيرة جداً بالنسبة للأقمار الصناعية. يقول اينان أن الأشباح والجان سلطت الضوء على هذه المنطقة، حيث كان سابقاً من الممكن أن تسمى في أحسن الأحوال باسم "الغلاف المجهول".

ووفقاً لكلامه: "من المهم أن نفهم كيفية الايونوسفير والغلاف المغناطيسي والأحزمة الإشعاعية للأرض من أجل الحصول على فهم أفضل لكوكبنا ومحيطه"، ولكن من حيث استعمالات الحياة اليومية، يمكن أن تتداخل الأشباح ومصادر التغيير والتذبذب الأخرى مع إشارات الجي بي اس والأقمار الصناعية. يعتقد بعض العلماء أن صواعق طبقات الجو العلوية يمكن أن يكون لها تأثيرات أخرى أيضاً، بما في ذلك على طبقة الأوزون أو الاحتباس الحراري. حتى أن ناسا كانت تشعر بالقلق من أن هذه الظواهر يمكن أن تلحق الضرر بمركباتها الفضائية باهظة الثمن أثناء الإطلاق أو العودة إلى الغلاف الجوي للأرض.

بغض النظر عن هذه الآثار الافتراضية، فإن ما يمكن اعتباره التأثير الأكيد لهذه الظواهر الكهربائية هو إحياء الفضول العلمي حول الصواعق بعد مضي 250 عاماً على تجربة فرانكلين التاريخية. الآن، على الرغم من العديد من النتائج الحاصلة بفضل رواد مثل اينان، إلا أننا ما زلنا لا نعرف بالضبط كيف يمكن لعاصفة رعدية أن تحصل على الشرارة المطلوبة لبدء الصاعقة. في الحقيقة، أظهرت سنوات من القياسات أن المجال الكهربائي داخل العواصف الرعدية أقل بحوالي عشرة مرات من الكمية اللازمة لبدء الصواعق. حتى يتم الكشف عن هذا اللغز والآلية الفيزيائية للعروض المضيئة المذهلة الأخرى التي تحدث في الفضاء الخيالي بين الأرض والفضاء، ليس أمامنا خيار آخر سوى قبول الإحساس القديم بالخوف والدهشة من الصواعق.


icon

البروفيسور حسين بهاروند

بيولوجيا الخلايا الجذعية

مولود :

1972

الجنسیة:

إيران

الأعمال:

علاج باركنسون و AMD العين عن طريق الخلايا الجذعية

-

نظرة مبسطة على حياة الدكتور حسين بهاروند

حصلت تجربة بسيطة ولكن مذهلة في عام 1923 على جائزة نوبل في فرع علم وظائف الأعضاء أو الطب لعام 1935 لعالم الأجنة الألماني هانز سبيمان (1896 إلى 1941)، "لاكتشاف ظاهرة التأثير المنظم للتطور الجنيني". هذه واحدة من حوالي عشرة جوائز نوبل الممنوحة في فرع علم الأجنة حتى الآن، وهي واحدة من الحالات القليلة التي مُنحت فيها جائزة نوبل لأطروحة دكتوراه.

في التجربة المشهورة الآن، قام سبيمان وطالبه ومساعده هيلدا مانغولد (1898- 1924)، بعملية زرع جنين سمندر. استخدموا أجنة من نوعين مختلفين من السمندر من نوع Triturus بألوان مختلفة للتمييز بين المتلقي والجهات المانحة على أساس اللون الفاتح أو الغامق. وقد وجد أنه عن طريق زرع منطقة صغيرة محددة من جنين السمندر الأساسي إلى جنين آخر في نفس المرحلة، يمكن أن يتسبب بتحفيز جنين ملتصق غير مكتمل في مواجهة الجنين المضيف. هذه المساحة الصغيرة من الجنين والتي تسمى الآن التأثير المنظم لسبيمان هي المسؤولة عن توجيه تطور جسم الجنين الكامل.

اكتشاف هذه الظاهرة من قبل سبيمان الذي يسمى الآن التحفيز الجنيني، هو أحد أصول علم الأحياء التطوري الحديث. أثبتت ظاهرة التحفيز، التي توجه فيها خلية أو نسيج إلى تطور خلية أو نسيج آخر، بلا شك الأهمية الأساسية للتفاعلات بين الخلايا في التطور الجنيني. توفي مانغولد بعد بضعة أشهر في حادث مأساوي في مطبخه عندما كان يحاول تسخين الحليب لولده الرضيع. لم يشهد نشر مقالته النهضوية، وبالطبع لا تمنح جائزة نوبل للأموات أيضاً.

بينما كان حسين بهاروند طالباً في المدرسة الثانوية، وقع في حب هذه المغامرة الرائعة في تاريخ العلوم التي رويت في كتابه الدراسي عن علم الأحياء. عندما سأل عنها، أخبره أستاذه أن الفرع الذي يتعامل مع هذه الموضوعات هو علم الأجنة. حينها ومنذ ذلك الوقت في صيف عام 1989، قرر بهاروند أن يصبح أخصائي في علم الأجنة. أكمل شهادة البكالوريوس في علم الأحياء من جامعة شيراز، ثم قبل في درجة الماجستير في علم الأحياء التطوري في جامعة الشهيد بهشتي في طهران. حصل في نهاية المطاف على شهادة الدكتوراه في علم الأحياء الخلوي والتطوري من جامعة خوارزمي (جامعة تربيت معلم سابقاً) في عام 2004.

 

اعمل حتى تعمل

ولد حسين بهاروند في أصفهان في 25 شباط فبراير 1972. يقول: "كنت صبياً مرحاً مفعم بالحيوية. إن أبرز ما يميز حياتي في تلك الفترة وفي الوقت الحالي أيضاً هو الحركة والنشاط. من المرحلة الابتدائية وحتى الجامعة، قمت في الصيف بأعمال مثل البيع المتجول والبناء والزراعة، واشتريت من الربح اللوازم المدرسية والكتب". وهو يعتقد أن على المرء أن يعمل بجد ليكون فعالاً. العمل بالنسبة له يبعث على السرور، ويرى أنه ضروري لتنمية روحه.

كان بهاروند الابن الأكبر في عائلة كبيرة وكان من المتوقع أن يساعد في رعاية إخوته وأخواته. ومع ذلك، فقد اتيح له بعض الوقت لقراءة كتب مثل مغامرات الخيال العلمي لجول فيرن. يقول: "كان كتاباً يدعى ألبرت شفايتزر  عبارة عن مذكرات طبيب قد انتقل من أوروبا إلى إفريقيا، وساعد الناس هناك وكان سبباً للخير والنعمة الكبيرة، وبالطبع قد قضى أوقات عصيبة في هذا الطريق. كان لهذا الكتاب تأثيراً كبيراً عليّ". أراد أن يكون مؤثراً مثل شفايتزر وكذلك لويس باستور ورامون كاخال وماري كوري.

وفقا لبهاروند: "إن معرفة زوايا المحيط أيضاً مؤثر في تشكيل الفكرة والشخصية. الزاوية في بعد هائل، تشكل الأسرة جزءً منه، والبيئة المحيطة جزء آخر، والزوجة والأصدقاء والعائلة والمجتمع وما إلى ذلك أجزاء منه. وجميعها تتكاتف معاً لتشكيل الشخصية".

مع هذه الفلسفة، ليس من المستغرب أن يمتن بهاروند للكثير من الأشخاص الذين جعلوه مهتماً بعلم الأحياء التطوري وساعدوه ليتقدم في عمله. ولكنه على وجه الخصوص يتذكر شخصين أسمائهما جديرة بالذكر: الدكتور الراحل سعيد كاظمي أشتياني (1951-2004)، عالم الأحياء التطوري ومدير معهد أبحاث رويان؛ وأستاذه الدكتور إنجو ماتايي رئيس مختبر استهداف الجينات في معهد جون كورتين الطبي في كانبرا في أستراليا، حيث ذهب بهاروند إلى هناك في فرصة دراسية مدتها خمسة أشهر من فبراير 2001 للتدرب على إنتاج الفئران المعدلة وراثياً والناكاوت- التي تكون واحدة من جيناتها معطوبة.

 

عالم قوي

عند عودته إلى إيران، بدأ برنامجاً لإنتاج الخلايا الجذعية في معهد رويان للأبحاث، والذي كانت بداية دخوله إيران في الطب الترميمي والبحث التطبيقي. نجح هو وفريقه في رويان لأول مرة في إيران في إنتاج الخلايا الجذعية الجنينية البشرية وللفئران في عام 2003، وفي عام 2008 أنتجوا الخلايا الجذعية المحفزة متعددة القدرات. ولقد استخدم هذه المعرفة مراراً وتكراراً في التجارب السريرية وفي زراعة الخلايا الجذعية للأنسجة الخاصة.

ألف بهاروند أكثر من 350 مقالة علمية باللغة الإنجليزية، والتي تم الاقتباس منها أكثر من 11000 مرة حتى الآن، مما يرفع مؤشر اتش الخاص به في مقياسه العلمي إلى 52. وهو محرر أربع مجموعات من المقالات لمؤلفين مختلفين في الخلايا الجذعية من ناشرين عالميين مثل سبرينغر و وايلي. قام بهاروند بترجمة وتأليف عدد من الكتب باللغة الفارسية أيضاً، كان معظمها في الخلايا الجذعية. وقد أشرف أيضاً على ترجمة العديد من الكتب المرجعية حول المهنة والتواصل العلمي، وكذلك الكتاب المدرسي الشهير "علم الأحياء التطوري" للمؤلف سكوت جيلبرت، وهو الكتاب المقدس في هذا الفرع.

بهاروند أيضاً عضو في هيئة تحرير العديد من المجلات ذات التأثير الكبير مثل "مجلة الكيمياء البيولوجية" و "التقارير العلمية". لديه اثنين من براءات الاختراع المسجلة في أمريكا وثلاث شركات في إيران تقوم بنشاطها على أساس المعرفة التي أنتجها هو وفريقه.

على مدار الأعوام الماضية، اعترفت العديد من الجوائز الوطنية والدولية بقيمة أبحاثه، بما في ذلك جائزة مهرجان خوارزمي الدولي في عام 2013 وجائزة الأكاديمية العالمية لعلم الأحياء لهذا العام في عام 2019. ومنحت له هذه الجائزة الأخيرة التي تمنح للتقدم العلمي في البلدان النامية كل عام، "نتيجة لخدمات بهاورند الجليلة في فهم كيفية إنتاج والمحافظة على الخلايا الجذعية ومفاهيم التقوية والتمايز".

 

فن المساحات

كان هناك العديد من الشخصيات البارزة في التاريخ الإيراني، مثل زكريا الرازي وأبو ريحان البيروني وأبو علي سينا​​، الذين ساهموا بشكل كبير في إنتاج المعرفة الإنسانية في مجال الطب. يأمل بهاروند أن تستعيد بلاده مكانتها السابقة في العلوم الطبية وأن تلعب دورها في "الطب المستقبلي". وهو يعتقد أن العلوم متعددة التخصصات في "طب المستقبل" ستتألف من أربعة محاور من الطب العلاجي والطب الشخصي وعلاج السرطان والعلوم المعرفية والدماغية. إنه يحاول إعداد نموذج أولي له في إطار مستشفى أبحاث بمساعدة الحكومة والجهات المانحة من الخيرين.

يحب بهاروند الشعر الفارسي ويستخدمه في تعليم طلابه. يمارس أيضاً رياضة تسلق الجبال وممارسة فنون الكاراتيه القتالية. يقضي الكثير من الوقت في الطبيعة بمفرده أو مع العائلة والأصدقاء. يقول: "الطبيعة أعظم معلم لدينا. أذهب إلى أحضانها كثيراً لأتعلم منها. لقد علمتني الطبيعة أن التطور تدريجي وأننا بحاجة إلى التحرك المتواصل ببطء. لذلك ليس هنالك اختصار لنمونا وتطورنا. لن يتحقق شيء بدون الكثير من الجهد. ليس من الممكن النجاح بين عشية وضحاها. لقد تعلمت من الطبيعة أنه إذا كنت تريد النجاح، فيجب عليك مواجهة التحديات. ابحث عن طريقك الخاص أو قم ببنائه من نقطة الصفر إذا لم يكن هنالك طريق. لم تستطع الديناصورات القوية العثور على وسيلة لمواجهة التحديات فانقرضت، ولكن الثدييات الضعيفة وجدت وسيلة للبقاء ونجحت. لتطوير أنواع جديدة يجب أن يكون هناك مساحة فارغة. تريد "أصنافاً" جديدة؟ اصنع مساحة فارغة وحاول ملأها".

 

إكسير الشباب

الاقتراب من الخلود بمساعدة العلاج بالخلايا في مكافحة الأمراض المزمنة للشيخوخة واحدة تلو الأخرى.

ليس هناك حقبة في التاريخ لم يكن فيها مجنون يبحث عن الخلود. لم يكن الإسكندر المقدوني (356-323 قبل الميلاد) مستثنى من هذه القاعدة، وبالنظر إلى القوة التي امتلكها وضخامة العالم الذي احتله، على ما يبدو لم يكن هنالك أي سبب يمنعه من تحقيق ذلك. كان يبحث عن شيء، أي شيء، لإبقائه على قيد الحياة وابعاد شبح الموت عنه.

وفقاً لإحدى أشهر الحكايات الشرقية لهذه القصة، وهي قصيدة نظامي غنجوي (من 1141 إلى 1209 ميلادي) التي تستند إلى مغامرة خيالية لـ "أسطورة الإسكندر"، حيث أخبر رجل مسن حكيم ربما كان الخضر على الأرجح، الإسكندر بوجود "نبع الشباب" في "الظلمات" أو "أرض الظلام" "على أطراف العالم المعروف في ذلك الوقت وربما في أبخازيا الحالية في جورجيا أو شمال الأورال، حيث يحصل كل من يشرب "ماء الحياة" على حياة أبدية. كما قيل في الأسطورة، اندفع الإسكندر مسرعاً إلى الظلام بتوجيه من الخضر وبرفقة جيشه. عثر الخضر في النهاية على النبع وشرب منه، لكن النبع اختفى في ظروف غامضة أمام عيني الإسكندر.

على مر التاريخ، سعى العديد من الإسكندريين للعثور على طرق لاستعادة شبابهم. كان أحدهم طبيباً روسياً يدعى ألكساندر بوغدانوف (1873 إلى 1928) الذي استسلم لخيال الشباب الجامح وتوفي بسببه. في محاولة للخلود، أجرى سلسلة من اختبارات الدم الفاشلة على نفسه والتي كلفته حياته لعدم انسجام الزمرة الدموية.

على الرغم من أن هذا قد يبدو عجيباً بعض الشيء، إلا أن فرضية بوغدانوف ليست خاطئة تماماً، ويمكن للدم أن يكون له خصائص مجددة باعثة على الشباب. في مقال نشر عام 2014 في مجلة الطبيعة الطبية، أفاد الباحثون أن "دم الشاب يعكس أضرار الشيخوخة... في الفئران". وقد وجد أن حقن البلازما للفئران الصغيرة في الفئران المسنة تساعدهم بالنسبة لردود فعل الخوف وفي التعلم المكاني وبالتالي يعزز قدرتهم على التعلم والتفكير.

حتى بعد سنوات قليلة من نشر نتائج هذه الدراسة، انتهزت عيادة تدعى آمبروزيا في سان فرانسيسكو الفرصة للسماح لعملائها بالاستفادة من هذه المزايا عبر عمليات نقل الدم التي يقدمها المتبرعون الشباب وإنفاق 8000 دولار أمريكي فقط لقاء ذلك! تم تعليق العمل منذ فبراير 2019 عندما أصدرت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تحذيراً بهذا الخصوص.

 

بدء العلاج بالخلايا

هنالك تاريخ طويل لحقن سوائل الأشخاص الآخرين كوسيلة لتمديد حياة الإنسان، على الرغم من أنها هذه الأيام أصبحت ترفيهاً للمليارديرات في عالم التكنولوجيا في وادي السيليكون، والتي تحولت لطريقة لخداع الموت. في عام 1890 في مؤتمر علمي في باريس، ذكر عالم عجيب في وظائف الأعضاء اسمه تشارلز إدوارد براون سيكار (1817 إلى 1894) أنه "بعد الحقن تحت الجلد لمستخلص خصية القرد" فقد استعاد قواه الجنسية بشكل مبهر في سن 72. جعل هذا العلاج المستحيل من الناحية العلمية الآلاف من الرجال يرغبون في تجربة اكسير براون سيكار، ولكنه في نفس الوقت أطلق فرعاً للعلاج بالخلايا.

لم تتباطأ وتيرة البحث عن الخلود في العقود الأخيرة فحسب، بل تسارعت أيضاً من خلال التدخلات الجزئية، مثل عمليات البوتكس وشد الوجه والمكملات المختلفة، وكذلك من خلال الأبحاث المضادة للشيخوخة القائمة في مختبر التكنولوجيا الحيوية المتقدم للغاية. حتى أن هنالك فرع يسمى علم الشيخوخة مخصصاً لدراسة عملية الشيخوخة، وقد تم تخصيص العديد من الجوائز لإيقاف عملية الشيخوخة وتأخيرها وعكس مسارها لدى البشر والثدييات الأخرى، الأمر الذي تسبب بضجة كبيرة في وسائل الإعلام. وصلت البحوث حول طول الحياة البشرية الآن إلى مرحلة النضج التي يعتقد العلماء أنها يمكن أن يكون لها تأثير كبير على الآثار الطبية والديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والبيئية.

 

حل مشكلة مزمنة

أحد الحلول العملية في تأخير الشيخوخة يكمن في مواجهة الأمراض المزمنة الشائعة في فترة الشيخوخة مثل الشلل الرعاشي (باركينسون) وأمراض العيون. هل يمكن حل هذه الكوارث في الشيخوخة عن طريق حقن الخلايا وتجديدها؟ هذا هو تخصص حسين بهاروند عالم الأحياء التطوري في معهد أبحاث رويان في طهران الذي يعمل في مجال التكاثر والخلايا الجذعية والتكنولوجيا الحيوية. فاز بجائزة المصطفى عام 2019 من المقيمين في البلدان الإسلامية لعلاجه مرض الشلل الرعاشي (باركينسون) وإزالة البقعة الصفراء الناتجة عن الشيخوخة عبر العلاج بالخلايا.

يسعى بهاروند إلى تطوير الطب العلاجي أو الترميمي باستخدام الخلايا الجذعية البشرية وعلم الأحياء التطوري والهندسة المستوحاة من الطبيعة. مع قدرة الخلايا الجذعية على التجديد الذاتي (صنع نسخ منها)، فلها مكانة فريدة في العلاج بالخلايا. يمكن أن تكون متباينة مع أنواع مختلفة من الخلايا. يمكن الحصول على الخلايا الجذعية من ثلاثة مصادر: 1) الخلايا الجذعية الجنينية من أجنة ما قبل الزرع؛ 2) الخلايا الجذعية للأنسجة الخاصة أو الخلايا الجذعية البالغة من نخاع العظام والجلد والدم وغطاء الجهاز الهضمي؛ و 3) الخلايا الجذعية الفعالة الناجمة عن إعادة برمجة الخلايا البالغة لاستعادة ميزاتها اللا متفاضلة.

نجح بهاروند وفريقه في معهد رويان للأبحاث في إنتاج خلايا جذعية جنينية للفئران في عام 2002 وقاموا بتكرار هذا النجاح في العام التالي عند البشر. لكن اللحظة الحاسمة جاءت في عام 2008 عندما توصلوا إلى تكنولوجيا لإنتاج خلايا جذعية متعددة الإمكانات محفزة عند الإنسان والفئران في المختبر. أتاح هذا الإنجاز إنشاء فروع مختلفة من الطب الترميمي في إيران وإنتاج الخلايا العصبية وعضلة القلب والكبد وبيتا البنكرياس من الخلايا الجذعية.

على سبيل المثال، أدت هذه المعرفة إلى بناء خلايا الدوبامين التمهيدية من الخلايا الجذعية الجنينية البشرية. (الخلايا التمهيدية خلايا لا متفاضلة وعلى عكس الخلية الجذعية لديها القدرة على التفاضل فقط إلى مجموعة محدودة من الخلايا المستهدفة.) الخلايا العصبية التي تفرز الدوبامين الموجودة في أنحاء الدماغ أو الدماغ الأوسط، هي المصدر الرئيسي للدوبامين- وهي تعمل كنوع من الموصلات الكيميائية في الجهاز العصبي لدى الثدييات. ويمكن أن يؤدي فقدانها إلى الإصابة بمرض باركنسون.

 

بشكل نقوم به

مرض باركنسون هو اضطراب تدريجي للجهاز العصبي مصاب به أكثر من 4 ملايين شخص في جميع أنحاء العالم ويتجلى على شكل رعشة معروفة في الشيخوخة. يزداد خطر الإصابة بالمرض الذي يبدأ بعد سن 50 مع تقدم العمر، ومع ارتفاع معدل شيخوخة المجتمع العالمي، سيصبح مرض باركنسون أكثر انتشاراً، وسيشكل عبئاً اقتصادياً واجتماعياً أكبر عليه.

على الرغم من أنه قد ثبت منذ النصف الثاني من الثمانينيات أن دماغ الجنين البشري هو مصدر فعال للخلايا الدوبامينية التمهيدية لزرعها في الدماغ الأوسط للأشخاص الذين يعانون من مرض باركنسون، إلا أن الخلايا الجذعية الجنينية ليست مصدراً موثوقاً به بسبب صعوبة الوصول إليها ولبعض الاعتبارات الأخلاقية. لقد كان استخدام الخلايا الجذعية الجنينية البشرية كبديل باعثاً على الأمل. ولكن على المدى الطويل، لا تزال هنالك تحديات بما في ذلك تشكيل ورم مسخي وهو نوع نادر من الورم يحتوي على العديد من الأنسجة ونمو الأعصاب المفرط.

قام بهاروند وفريقه في معهد رويان للأبحاث بالإعلان عن حل جديد باستخدام جزيئات صغيرة لاستخلاص الخلايا الدوبامينية التمهيدية للدماغ الأوسط ​​من الخلايا الجذعية الجنينية البشرية. لقد ربطوا هذه الخلايا التمهيدية مع الأشخاص الذين يعانون من مرض باركنسون في الفئران ومن ثم إلى غير الإنسان أولاً وهو ما يسمى قرد رزوس Macaca mulatta .

تظهر التقييمات تحسناً ملحوظاً في حركات القرود في غضون عامين بعد الزرع دون أي دليل على تكوين الورم أو نمو الأعصاب المفرط في المخ. يبدو أن حالات الفشل السابقة كانت نتيجة للتخصص الجزئي للخلايا بسبب فشل في توجيه عملية التفاضل. الآن، يدرس فريق البحث استعمال هذا العلاج بالخلايا على مرضى باركنسون من البشر.

هذا مشابه لما فعله فريق البحث في عام 2012 لعلاج تنكس البقع الصفراء في الشيخوخة، مما قد يؤدي إلى عدم وضوح الرؤية وإذا ترك دون علاج فإنه يؤدي إلى العمى في الشيخوخة. هذا المرض هو نتيجة الأضرار التي تلحقها البقعة الصفراء في شبكية العين، والتي هي طبقة من الخلايا الصبغية وتلعب دوراً أساسياً في وظيفة الجهاز البصري.

اقترح بهاروند وفريقه في معهد أبحاث رويان في مقالتين في المجلة المعتبرة "الخلايا الجذعية والتطورية" في عام 2012، طريقة لتوجيه التفاضل بين الخلايا الجذعية متعددة القدرات المحفزة لدى الإنسان إلى نسيج الغطاء الصبغي لشبكية العين. قدمت هذه النتائج أولاً في الأرانب ثم في البشر أداةً غير مسبوقة وفعالة فريدة لعلاج استبدال الخلايا في أمراض شبكية العين.

 

الخطة البديلة

يبدو أن العلاج بالخلايا أصبح سلاحنا الأكثر فاعلية في مكافحة الأمراض المزمنة التي تتصدر قائمة أمراض الشيخوخة. هذا ليس كالوصول إلى الحياة الأبدية بالمعنى الدقيق للكلمة، ولكن يمكن أن يكون الخيار البديل الأفضل، كما يتوقع الباحثون، لتمديد حياة الإنسان ومضاعفة حصة الثلاث عشرين سنة وعشرة سنوات المحددة في الكتاب المقدس. وبالطبع، فإن هذه الحياة الإضافية تأتي مع الصحة والأداء. أليس حلماً جميلاً ألا تعاني عندما تحصل على كنزك؟ أن يكون لديك من الوقت كما تحب للقيام بأي مشروع طويل الأجل لا يمكن إكماله خلال فترة العمر القصيرة الحالية؟ حسناً، الخطة البديلة هي: إطالة فترة الكهولة حتى نتمكن من الاستثمار أكثر في كل فرد بدلاً من استبدال الأجيال السريع.


icon

الدكتور محمد عبدالأحد

العلم وتكنولوجيا النانو الإلكترونية

مولود :

1982

الجنسیة:

إيران

الأعمال:

ترجمة سلوك الخلايا السليمة والسرطانية في المجال الإلكتروني (طرق حديثة لتشخيص السرطان)

-

في الوقت المناسب، في المكان المناسب

نظرة مقربة على حياة محمد عبد الأحد

تحتوي طائرة الركاب الحديثة على أكثر من 10 آلاف جهاز استشعار تقوم على الدوام بتخزين المعلومات التي تزودها للطيار حول كيفية أداء الطائرة. ولكن الأهم من ذلك أن هذه الكمية الهائلة من البيانات تجعل من الممكن التنبؤ بالمشاكل الميكانيكية والتقنية التي يمكن حلها بسهولة، شريطة أن تكون الطائرة على الأرض، وليس في أعالي السماء. يتمتع هذا النظام بأداء رائع: فحوادث الطيران نادرة للغاية وتصل نسبة موت أحد الركاب في الرحلة إلى واحد من كل 8 ملايين.

جسدنا مجهز أيضاً بنظام معلومات مماثل يمكنه التحذير من أي مرض وشيك. ومع ذلك، فإن قراءة هذه المعلومات الحيوية تتطلب وصولاً شاملاً إلى جسم الإنسان على المستوى الخلوي أو الجزيئي، وهذه الإمكانية للأسف غير متوفرة لدينا. ولكن ماذا عن مرض بعينه، أكثر الأمراض فتكاً: السرطان. هذه هي ذات الفكرة التي تحدث عنها شمس الدين مهاجر زادة، أستاذ الهندسة الكهربائية في جامعة طهران، مع محمد عبد الأحد عندما كان طالب دكتوراه.

 

دردشة قصيرة ممتعة

يتذكر عبد الأحد، وهو الآن أستاذ مشارك في الهندسة الكهربائية في جامعة طهران أنه: "ذات يوم تحدث مصادفة مع أستاذ جاء من أمريكا وتحدث عن أشياء كثيرة مثيرة للاهتمام حول الخلايا السرطانية". كان عبد الأحد في ذلك الوقت، طالباً جديداً في مرحلة الدكتوراه في الهندسة الكهربائية ولا دخل له بالسرطان وأراد أن يبحث رسالة الدكتوراه في مجال الفوتونات. لكن الدردشة القصيرة مع مهاجر زادة قد غيرت أفكاره بشكل كبير لاحقاً.

بعد فترة وجيزة من التحقيقات الأولية، أدرك عبد الأحد أن العلوم الحيوية المتعلقة بالسرطان وتطبيقاتها الإلكترونية يمكن أن تكون مجالاً متميزاً حقاً للأبحاث. عندما قرر أن يبدأ أطروحته تحت إشراف مهاجر زادة، اتضح له أنه بدون وجود أرضية قوية في العلوم الحيوية، ستكون مهمة المضي في هذا المجال عسيرة جداً. لذلك، بالإضافة إلى الدراسات المعتادة في الهندسة الكهربائية، بدأ دراسة العلوم الحيوية وخاصة حول السرطان وعلم الأمراض وسلوك الكيمياء الحيوية للخلايا وكذلك ترجمتها إلى مجال الإلكترونيات. يقول عبد الأحد: "لقد وفر مهاجر زادة جميع التسهيلات الأساسية المطلوبة للعمل، وحتى أنه طلب من أحد أساتذة علم الأحياء (مهران حبيبي رضائي) أن يعطيني دروساً في التكنولوجيا الحيوية".

خلال هذه الفترة التي استمرت حوالي عامين، نشر عدة مقالات حول السلوك الكهربائي للخلايا السرطانية والخلايا السليمة، واخترع بعض الأجهزة التي كان بعضها فريد في العالم. بعد حصوله على الدكتوراه، منحته جامعة طهران بسبب هذه الإنجازات الرائعة فرصة استثنائية لمتابعة أبحاثه في مختبر اخصائي. وفي ذلك الوقت، قدمت إدارة تطوير تكنولوجيا الإلكترونيات الدقيقة التابعة لمديرية العلوم والتكنولوجيا في رئاسة الجمهورية، التمويل اللازم لأبحاثه.

اجتمع تحت قيادة عبد الأحد فريق من الخبراء من مختلف المجالات في مختبر الإلكترونيات الحيوية النانوية للعمل في أبحاث أنظمة وأساليب وأدوات تشخيص السرطان. يقول: "عندما بدأنا أبحاثنا، كان علينا الاستفادة من تخصصات مختلفة وفقاً لاحتياجاتنا". كانت السنوات التالية في الحقيقة مرحلة من التطوير والانجازات المستمرة لعبد الأحد وفريقه البحثي، بما في ذلك تصميم وصناعة رقاقة حيوية إلكترونية دقيقة تسمى "متاس تشيب" والتي يمكنها اكتشاف انبثاث (ورم خبيث) مجهري بدقة عالية في عينات الأنسجة.

كان من أهم العوامل التي أثرت على المسار المهني لعبد الأحد ارتباطه المستمر بالمستشفيات ومراكز أبحاث العلوم البيولوجية. يقول: "بفضل زملائي في جامعة طهران للعلوم الطبية ومستشفى محك، عندما اكتملت عملية تصنيع رقاقة متاس تشيب، أتيحت لنا الفرصة لاختبار أداء الجهاز في التجارب السريرية".

أدى نشر المقالة المتعلقة بمتاس تشيب في مجلة Nature Communications المرموقة إلى نقاشات لمدة 10 أشهر انتهت بنشر المقالة في ديسمبر كانون الثاني عام 2017 بعد مراسلات مكثفة ومناقشات تخصصية بين الحكام والفرق البحثية. لكن بالنسبة لعبد الأحد، لم تكن تلك هي نهاية القصة. يقول: "مع نشر المقالة، قمنا بتقديم ​​التكنولوجيا، ولكن صنع منتج جيد التصميم وسهل الاستخدام بالنسبة لمستعمله كان بمثابة خطوة كبيرة أخرى". هذه الخطوة التي قطعها بالتعاون مع فريق من المصممين الصناعيين لتحويل هذه الأداة إلى منتج نهائي متكامل.

 

أمنيات ضخمة

ولد عبد الأحد في طهران عام 1982. ولقد حقق العديد من النجاحات في السنوات الأخيرة بما في ذلك تسجيل أكثر من 20 براءة اختراع في أمريكا ونشر أكثر من 50 مقالة في المجلات الرائدة، أغلبها في مجال الكشف عن السرطان عن طريق الأجهزة الإلكترونية النانوية. بسبب بحثه واختراعاته في مجال تكنولوجيا الكشف عن السرطان، قامت المنظمة العالمية للملكية الفكرية بترشيحه للفوز بميدالية "أفضل مخترع شاب" في عام 2016. وقد حصل أيضاً على جائزة أفضل عالم شاب في أكاديمية العلوم الإيرانية. وأصبح منذ عام 2016، عضواً في الهيئة التدريسية التابعة لجامعة طهران للعلوم الطبية. يحاول عبد الأحد إطلاق دورة مشتركة بين الزمالة وما بعد الدكتوراه تسمى "جراحة الأورام الالكتروكهربائية"، وهي فصل مشترك بين فروع الجراحة والهندسة الكهربائية.

يشرح عبد الأحد مجال أبحاثه بهذه الطريقة: "مكافحة السرطان بمساعدة الإلكترونيات في مجال التشخيص، من العلم إلى المنتج". إنه يعمل في الحقيقة على فصل مشترك في مجموعة متنوعة من التخصصات، وهي النقطة الرئيسية التي تحدث فيها موانع عالم العلوم غالباً. إنه في سن الـ 37  حيث يبدو أنه في المكان المناسب في الوقت المناسب. إنه يفكر الآن في هدف طموح آخر، لكنه يقول: "اسمحوا لي ألا أخبركم عنه شيئاً، إنه سر". ومع ذلك، فهو يؤمن بـ "العثور على البصمة الإلكترونية لنشوء السرطان"، و "كيفية التحكم الإلكتروني في عمل السرطان لمنع آثاره المدمرة على الجسم". اثنين من أهم الأسئلة في بحثه التي يمكن للإجابة عنهما أن تؤدي إلى تحطيم الحواجز.

إنه يرى نفسه على أنه شخص "يضع العديد من الأسئلة في اعتباره، شخص لديه معرفته أقل دائماً مما هو مطلوب لحل المشاكل التي لم تحل بعد، لكنه يريد أن يعلم المزيد والمزيد". وهو يعتقد أنه إذا ما قلل من جهله وزاد من تجربته، من الممكن أن يستطيع مساعدة الناس على التمتع بحياة أفضل. يقول: "أنا أؤمن بحياة صادقة، حياة تريد فيها مساعدة الناس، بغض النظر عن دينهم أو عرقهم. أريد أن أكون مسلماً حقيقياً". خارج معمله وبعيداً عن عمله، يفضل قضاء وقته مع أسرته واللعب مع أطفاله.

 

عندما لم يفت الأوان بعد

التطورات الأخيرة في مجال أجهزة الاستشعار الحيوية للكشف عن السرطان قد وضعت هذه التكنولوجيا على شفا التسويق.

في بعض الأحيان يمكنك التعرف على رائحة أقربائك المقربين حتى مع عيون مغمضة. لا علاقة للأمر بالعطور التي يرشونها أو المنظفات التي يستخدمونها، إنها رائحتهم التي تستطيع تمييزها بوضوح. تتكون رائحة الجسم من الآلاف من المواد العضوية. هذا المزيج المعقد من الجزيئات في رائحة الجسم فريد من نوعه، والذي يشبه بصمات الأصابع، يمكن أن يكشف عن أشياء كثيرة عنا، معلومات كالعمر والوراثة ونمط الحياة ومسقط الرأس والمهنة أو حتى الصحة البدنية وعملياتها الاستقلابية الأساسية.

هذا ليس سراً قد اكتشفه العلم الحديث. في الطب اليوناني التقليدي والصيني القديم، كان شم رائحة المريض وسيلة شائعة لتشخيص المرض. ومع ذلك، تؤكد الأبحاث الطبية الحديثة أيضاً أن رائحة الجلد أو التنفس أو سوائل الجسم يمكن أن تشير إلى ما إذا كان الشخص مريضاً أم لا. على سبيل المثال، تشبه رائحة أنفاس مرضى السكري رائحة التفاح الفاسد أحياناً. إن استخدام الحاسة الشمية كأسلوب تشخيص غير متوغل يبدو فكرة بديعة جداً، لكن لسوء الحظ، ليس لدى جميع الأطباء حاسة شم جيدة وقد لا يكون أنفهم أداة موثوقة. ولكن إذا نظرنا إلى الأمر بشكل أكثر واقعية، فإن جسمنا مليء بالعلامات الحيوية التي إذا توفرت لدينا الأدوات المناسبة لقراءتها، يمكننا الوصول إلى بيانات حياتية عن صحتنا. لهذا السبب ظل الباحثون يعملون لعقود من الزمن لبناء مستشعرات حيوية يمكنها اكتشاف الأمراض بطريقة رخيصة وسريعة وغير متوغلة وموثوق بها.

 

التحالف

يعود تاريخ أجهزة الاستشعار الحيوية إلى أكثر من قرن، عندما اخترع ماكس كريمر، عالم فيزيولوجي ألماني (1865-1935)، القطب الكهربائي الزجاجي في عام 1906. بعد تقديم مفهوم pH (تركيز أيون الهيدروجين) في عام 1909 وصناعة أول قطب كهربائي لقياسه في عام 1922، حاول العديد من الباحثين إثبات قدرات الأنواع الأولية لأجهزة الاستشعار الحيوية. ومع ذلك، لم يحدث هذا حتى مضي فترة وفي عام 1956 عندما صمم ليلاند كلارك عالم الكيمياء الحيوية الأمريكي (1918-2005) أول جهاز استشعار حيوي حقيقي. ويشار إليه باسم "والد أجهزة الاستشعار الحيوية" واختراعه للقطب لاكتشاف السكري أدى في نهاية المطاف إلى تصنيع الجيل الأول من أجهزة الاستشعار الحيوية في عام 1975.

منذ ذلك الحين وحتى الآن، شهد مجال المستشعرات الحيوية تطورات مهمة، وأصبح الآن مجالاً متعدد التخصصات للدراسة يتطلب فيه كل إنجاز تحقيق تحالف من العلماء الذين يعرفون كيفية بناء جسور بين أسس العلوم الأساسية والإلكترونيات والالكتروكهربائيات المجهرية والتكنولوجيا النانوية والطب. في السنوات الأخيرة، قام فريق من نخبة الباحثين في مختبر الإلكترونيات الحيوية النانوية في جامعة طهران بتشكيل هذا التحالف. قام محمد عبد الأحد رئيس المختبر والأستاذ المشارك في كلية الهندسة الكهربائية والحاسوبية، مع زملاؤه بالكشف عن العديد من أنظمة الكشف المصغرة الجديدة بعد مضي وقت قصير من إطلاق المختبر. حقق عبد الأحد، الفائز بجائزة المصطفى عام 2019 من المقيمين في الدول الإسلامية، وفريقه العديد من النجاحات بما في ذلك تسجيل أكثر من 20 اختراعاً في أمريكا ونشر أكثر من 50 مقالة في المجلات الرائدة. أقدم عبد الأحد في مقال نشر عام 2017 في مجلة Nature Communications ، على الكشف عن رقاقة حيوية إلكترونية دقيقة تسمى "متاس تشيب" والتي يمكنها اكتشاف انبثاث (ورم خبيث) مجهري بدقة عالية في عينات الأنسجة.

إحدى أكثر الأخبار السارة عن أجهزة الاستشعار الحيوية هو أنها يمكن أن تكشف عن الأمراض عندما لا يمكن اكتشافها عن طريق الاختبارات التقليدية الأخرى. وعندما يتعلق الأمر بالتشخيص المبكر، لا يوجد مرض أكثر أهمية من السرطان. لهذا السبب، فإن الهدف الرئيسي للعديد من الأبحاث في مجال أجهزة الاستشعار الحيوية هو العثور على طرق جديدة وتصميم أجهزة جديدة للكشف عن السرطان. تتمثل الخطوة الأكثر أهمية في تحديد تقدم مراحل المرض والأنظمة العلاجية للسرطان في تحديد خلايا السرطان المنتشر في العينة التي يتم إزالتها من الأنسجة الثانوية للمريض باستخدام تقنيات علم الأمراض.

ولكن تم تصميم هذه الأساليب بشكل أساسي لاعتراض وجود خلايا غازية غير طبيعية في العينات التي تم إعدادها من الأنسجة منفصلة بطريقة خاصة. بمعنى آخر، من الممكن دائماً فقدان بعض الخلايا الغازية في هذه الطرق من علم الأمراض. ويقول عبد الأحد: "على الرغم من أن الخلايا السرطانية يمكن التعرف عليها في بعض الحالات، لكنه من المحتمل أن تكون قليلة جداً أو موجودة فقط في أجزاء من العينة المأخوذة والتي لا يفحصها أخصائي علم الأمراض، وبهذا فإن الحيلولة دون تجاهل أي خلايا سرطانية غازية هي مكلفة وتستغرق وقتاً طويلاً".

 

القاعدة الذهبية

كثيراً ما يقال أن السرطان ليس مجرد مرض. في الواقع، هنالك أكثر من 200 نوع من أنواع السرطان، وكلها ناتجة عن النمو غير المنضبط للخلايا في الجسم. الوفاة المرتبطة بالسرطان عادة ما تكون بسبب أورام ثانوية تنتج في الواقع عن انتشار الخلايا السرطانية إلى أجزاء أخرى من الجسم من خلال عملية تسمى "الانبثاث" الورم الخبيث. يقول عبد الأحد: "يحدث الانبثاث عندما تهاجر الخلايا السرطانية إلى النمط الظاهري للغزو، وهي عملية تبدأ في مجموعات من الخلايا التي يبدو أنها قد انفصلت عن الأورام الأولية".

على الرغم من التقدم الكبير في فهم طبيعة السرطان، لم تحدث منذ فترة طويلة أي تغيرات كبيرة بالنسبة للآثار المدمرة للمرض على المرضى. في الواقع، كان معدل الوفيات الإجمالي لجميع أنواع السرطان في عام 2000 يعادل تقريباً ما كان عليه في خمسينيات القرن الماضي. من ناحية أخرى، بقيت القاعدة الذهبية في مكافحة هذا المرض كما هي: يعتمد نصف النصر في هذه المعركة على الاكتشاف المبكر. ومع ذلك، قد يكون من الصعب للغاية تشخيص المراحل المبكرة من السرطان قبل وقت طويل من تطور الأعراض الجسدية. الطريقة التي قدمها عبد الأحد في مقالته تجعل من الممكن الإيقاع بالخلايا المعدية بطريقة بسيطة وسريعة وغير كيميائية في عينات صغيرة من الأنسجة. ميزة يمكن أن تحسن الفعالية التشخيصية لطرق علم الأمراض الحالية قبل الجراحة أو الإجراءات العلاجية.

إن تكنولوجيا المستشعرات الحيوية في طور التطور، حيث يتم على الدوام تصنيع وتصميم أجهزة أكثر فاعلية وأكثر حساسية وأكثر موثوقية. ومع ذلك، قلة قليلة منهم تصل إلى مرحلة التجارب السريرية لتشخيص السرطان. لكن التعاون بين فريق أبحاث عبد الأحد وجامعة طهران للعلوم الطبية جعل من الممكن أن تخضع رقاقة متاس تشيب لاختبارات سريرية، وقد أثبت الجهاز الذي تم تسجيل براءة اختراعه في أمريكا، امكانيات ملحوظة. يقول عبد الأحد: "تمكنت رقاقة متاس تشيب من اكتشاف حالات انبثاث (ورم خبيث) في أكثر من 70 مصاباً بسرطان الثدي في أقل من 5 ساعات. بالإضافة إلى ذلك، كشفت الرقاقة في غدد لمفاوية لتسعة مرضى أيضاً عن وجود انبثاث لم يستطع نهج علم الأمراض التقليدي الكشف عنها". وأكدت الاختبارات الإضافية التي أجريت على هذه العينات التالفة دقة تشخيصات الرقاقة.

إن الاستثمارات الضخمة التي تمت في السنوات الأخيرة في جميع أنحاء العالم في مجال "البحوث التطبيقية"، وخاصة في مجال التطبيقات العلاجية، مهدت الطريق لتطور تكنولوجيا الاستشعار الحيوي بشكل أسرع. يمكن أن تؤدي هذه العملية إلى تحالف بين الصناعة والأوساط الأكاديمية لتقديم منتجات تكون قادرة على التسويق والمنافسة في السوق. يتطلب تحقيق هذا الهدف علماء الهندسة والفيزيائيين يتمتعون بفهم أفضل لعلم الأحياء، فضلاً عن علماء في الكيمياء الحيوية وعلماء الأحياء لديهم إطلاع أكبر على قدرات وامكانيات التقنيات المختلفة. يوفر تحالف الأخصائيين من مختلف التخصصات، كالذي تشكل بفضل جهود عبد الأحد وزملاؤه في جامعة طهران، ظروفاً واعدة جداً يمكن أن تؤدي إلى تسويق المنتجات المتقدمة والجديدة.