ما هو لقاح كورونا الذي طوّره الفائز بجائزة المصطفى(ص) وكيف سيخلّصنا من الوبا ؟

ما هو لقاح كورونا الذي طوّره الفائز بجائزة المصطفى(ص) وكيف سيخلّصنا من الوبا ؟

استطاع البروفيسور أوغور شاهين الذي كان أحد الفائزين بالدورة الثالثة من جائزة المصطفى(ص) العام الماضي، تطوير لقاح فعّال بنسبة 95٪ بمساعدة أحدث تقنيات اللقاحات وأكثرها تطوراً.

وفقاً للمكتب الإعلامي لمؤسّسة المصطفى، أثار نبأ نجاح لقاح كورونا الذي أنتجته شركة بيوأنتك تحت إشراف البروفيسور أوغور شاهين، العالم التركي والفائز بجائزة المصطفى بدورتها الثالثة بنسبة 95٪، بالإضافة إلى ازدياد الآمال بانتهاء وباء كورونا، العديد من التساؤلات حول التكنولوجيا المستخدمة في صنع اللقاح والخلفية البحثية للدكتور شاهين وفريقه، وفعالية اللقاح رغم وجود أنباء عن حدوث طفرات لفيروس كورونا.

 

اللقاح الذي تم إنتاجه وإجراء الأبحاث عليه منذ يناير من هذا العام في نفس وقت تفشي الوباء في الصين، تمّ تطويره من قبل البروفيسور شاهين. تُشرف وكالة الأدوية الأوروبيّة (EMC) أيضاً على تطوير وفعالية هذا اللقاح ولديها أحدث تقنيات إنتاج اللقاح المعتمدة على الحمض النووي الريبوزي المرسال.

 

تم اختيار أوغور شاهين لجائزة المصطفى لعام 2019 في مجال العلوم الحيويّة والتكنولوجيا الطبيّة بسبب تصميمه وتقييمه للقاحات مضادّة للسرطان تعتمد على الرنا المرسال على أساس الطفرات في كلّ مريض، الأمر الذي أصبح لاحقاً أساس اكتشاف شاهين للقاح فيروس كورونا.

 

وفي هذا السياق قالت قناة دويتشه فيله الألمانيّة: "يمكن القول بجرأة أنّ جائزة المصطفى اعترفت بأوغور شاهين قبل أيّ مؤسّسة علميّة تحفيزيّة أخرى، واعتبرته جديراً بتقدير كبير".

 

 

 

تكنولوجيا التطعيم من الجيل الرابع (الـ mRNA)

 

 كان الجيل الأول من اللقاحات عبارة عن فيروس كامل تم إيقاف فعاليته، والذي يؤدي إلى حدوث استجابة مناعيّة بعد حقنه في الجسم. استخدم الجيل التالي من اللقاحات تقنيات إنتاج البروتين المؤتلف التي تحفّز جزءاً من الفيروس في الجسم الذي يؤدي بدوره إلى استجابة مناعيّة.

 

الجيل الثالث من اللقاحات هي لقاحات قائمة على الحمض النووي، وتنقل هذه اللقاحات الجين المنتج للمستضد إلى الجسم، وتنتج خلايا الجسم المستضد دون دخول الفيروس إلى الجسم. الجيل الأخير، وهو الجيل الرابع من اللقاح، يتمّ إنتاجه باستخدام الحمض النووي الريبوزي المرسال .

 

بهذه الطريقة، وبدلاً من التلاعب بجين الخلية في الجسم الذي يمكن أن يسبّب مضاعفات خطيرة وحتى ثبت أنّه مسرطن، تنتج الـ mRNAs باعتبارها رسلاً في ريبوسوم الخلية، مستضدات فيروسيّة ذات مضاعفات أقل ومعدلات أعلى.

 

أوغور شاهين الذي حلّ ضيفاً على مؤسّسة المصطفى للعلوم والتكنولوجيا العام الماضي لاستلام جائزته، عمل على تقنيّة الـ mRNA لسنوات عديدة، وبدأ في تطوير علاج مختلف للسرطان،  ومنذ بداية الوباء شعر أنّه يمكنه استخدام هذه التكنولوجيا لتطوير لقاح للوقاية من فيروس كورونا.

 

خديجة عاليشاه، هي طالبة دكتوراه في التكنولوجيا الحيويّة، ذهبت إلى ألمانيا للحصول على فرصة دراسية وعملت في شركةTRON ، وهي شركة تابعة لشركة بيوأنتك التي أسّسها أوغور شاهين، وبدأت مؤخّراً العمل على العلاج المناعي باستخدام الخلايا التائية لمحاربة السرطان، ثمّ أدركت أنّ أبحاث البروفيسور شاهين في أوروبا في مجال علاج السرطان باستخدام جهاز المناعة هي مفتاح العلاج، لهذا السبب قامت بالتواصل مع الشركة المذكورة، وذهبت إليهم.

 

يُدير البروفيسور أوغور شاهين شركة بيوأنتك منذ عام 2008 لتطوير مجموعة واسعة من علاجات السرطان، بما في ذلك استخدام تقنيّة الـ mRNA العلاجيّة، ولكن نظراً لتعقيد عملية تطوير اللقاح والقيود التي تفرضها الجهات التنظيميّة الألمانيّة، لم يتم إطلاق المنتجات ذات الصلة في هذا المجال إلى الأسواق بعد.

 

بالطبع، تخضع العديد من علاجات الشركة الآن لمراحل مختلفة من التجارب السريريّة، ولكن باستخدام نفس الطريقة وبمساعدة زملائه وزوجته الدكتورة أوزليم توريتشي في شركة بيوأنتك، تمكّن شاهين من تطوير لقاح لفيروس كورونا.

 

 

 

ما هو الـ mRNA وكيف يمكن استخدامه؟

 

قالت السيدة عاليشاه عن التكنولوجيا الخاصة بـ mRNA: جميع الكائنات الحيّة، من البكتيريا إلى الكائنات الحيّة الأكثر تطوراً، لديها مادة وراثيّة في أجسامها تسمّى الحمض النووي التي ورثوها من أسلافهم، والتي تشفّر خصائصها الجينية. تُترجَم الأجزاء المختلفة من هذا الكود الجيني إلى بروتينات مختلفة تشكّل في النهاية جميع خصائصنا، من لون الشعر والعين إلى كيفيّة عمل الأعضاء وشكلها. mRNA هو في الواقع الرابط بين هذا الحمض النووي والبروتينات.

 

وأضافت: إنّ إنتاج وتنقية واعتماد عقار أو لقاح بروتيني أمر صعب للغاية ويستغرق وقتاً طويلاً وهو مكلف أيضاً، وقد يتغير هيكل البروتين ويفقد وظيفته في ظلّ ظروف التخزين المختلفة. ترافق العديد من المشكلات استخدام الحمض النووي كلقاح، ولكنّ من السهل إنتاجه ولا يؤدي إلى تغييرات دائمة في خلايا الجسم؛ لهذا السبب تمّ اعتباره أحدث التقنيات لإنتاج اللقاحات.

 

وأردفت عاليشاه: لقاح كورونا الخاص بشركة بيوأنتك وفريق البروفيسور شاهين القائم على mRNA هو الفيروس نفسه. هذا الـ mRNA يبيّن البروتين الشبيه بفيروس كورونا بعد دخوله إلى خلايا الجسم، وبدون وجود الفيروس يفترض الجهاز المناعي أنّه يتعرض للفيروس نفسه عندما يواجه أحد مكونات الفيروس ويبدأ في إنتاج أجسام مضادة ضدّه، كما أنّه ينشّط جهاز المناعة الخلوي، لذلك إذا دخل فيروس حقيقي إلى أجسامنا، فسيكتشفه جهاز المناعة ويحاول إزالته ولا يسمح له بالتكاثر.

 

 

 

طفرات فيروس كورونا لا تمنع فعاليّة اللقاح

 

رداً على سؤالٍ عمّا إذا كانت طفرات فيروس كورونا تمنع اللقاح من العمل، قالت عاليشاه: حتّى الآن لم يتم تسجيل الكثير من الطفرات في فيروس كورونا، ومع ذلك، وجدت شركة بيوأنتك في إحدى دراساتها أنّ مصل دم الأشخاص الذين تم تطعيمهم باللقاح تعرضوا للفيروسات التي كانت لها طفرات في البروتين وأكدت أن اللقاح كان أيضاً فعالاً ضدّ الأشكال الطافرة. بشكل عام، لم تتغير بنية الفيروس بطريقةٍ لا يستطيع الجهاز المناعي التعرّف عليها. بالإضافة إلى ذلك، إذا حدثت طفرة بحيث لم يعمل اللقاح الحالي معها، فيمكن الوصول إلى بنية جديدة من mRNA بسرعة وبجهد ضئيل اعتماداً على البنية الحاليّة للقاح.

 

وأوضحت عاليشاه: في حالة لقاح كورونا، الأمر المهمّ هو أيقاف تفشي الوباء؛ وهذا يعني أنّه إذا تمّ حقن اللقاح في الأشخاص المعرضين للخطر، مثل طاقم العلاج، فسيكون لدينا الوقت لتطوير علاج فعّال للمرض أو الحصول على لقاح أفضل.

 

وأكّدت عاليشاه: من المهم تطوير لقاح للكورونا يعتمد على تقنيّة الـ mRNA، لأن هذه الطريقة يمكن أن تُستخدم كنموذج لتطوير العلاج والوقاية من الأمراض المعدية الأخرى وحتى السرطان. بشكل عام، استغرق تطوير هذه التكنولوجيا سنوات، ولكن بمجرد إنشاء هذه البنية التحتيّة، ستكون مدّة عملية البحث أقصر.

 

 

 

مثابرة البروفيسور شاهين في عمله العلميّ فريدة من نوعها

 

قالت عاليشاه مستذكرةً ذكريات عامين من عملها كطالبة عند البروفيسور شاهين في ألمانيا: في أوّل لقاء مع البروفيسور شاهين، كنت قلقة للغاية من أنّ حجم معرفتي قد لا يكون كافياً، لكنّهم عاملوني بهدوء شديد ومحبّة، مما عزز ثقتي بنفسي وشجّعني على تقديم نتائجي، وأيضاً كانوا يشجّعون جميع الطلاب دائماً على المحاولة والمطالعة.

 

وأضافت طالبة التكنولوجيا الحيويّة: حتى عندما كانت تفشل التجارب، كانوا يقولون إنّ العمل العلميّ هو هكذا، والتجربة والخطأ جزء من العمل.

 

وتابعت: مثابرة البروفيسور شاهين وزوجته في العمل العلمي كانت حقاً نموذجيّة، وقد نقلت زوجته كذكرى عن الفترة التي بدآ فيها العمل العلمي أنّهما كانا يحاولان الحديث مع المستثمرين في كلّ زمان ومكان محاولين إقناعهم بتقديم الدعم الماليّ للشركة.