نحن بحاجة إلى أن نذهب إلى ما هو أبعد من مجرد نشر المقالات العلمية

في إشارة إلى أهمية نشر المقالات العلمية، قال رئيس جامعة بوترا الماليزية: لا يمكننا أن نعيش فقط في عالمنا الأكاديمي، يجب علينا أن نذهب إلى ما هو أبعد من مجرد نشر المقالات العلمية، إضافة الى نقل العلم إلى الناس وإظهار فعاليته.
وقال أحمد فرحان محمد سعد الله في مقابلة مع مراسل القسم الإعلامي والتنسيق التابع لمؤسسة المصطفى(ص) للعلوم والتكنولوجيا: كان للعلماء المسلمين تأثير كبير في العالم في الماضي، ولكن الآن يجب عليهم أن يعملوا جاهدين من أجل ذلك، وأن يظهروا للعالم أنه لا يزال بإمكانهم أن يكونوا مؤثرين في الرأي العلمي وحل مشاكل العالم.
كما ثمن جهود مؤسسة المصطفى(ص) للعلوم والتكنولوجيا في تقديم وتكريم خيرة العلماء، وقال: يجب أن نظهر أهمية الأعمال المكرمة في جائزة المصطفى(ص) من خلال تقدير جهود مجموعة الباحثين الداعمين لها، وينبغي أيضا مراعاة عدالة الفائزين بالجوائز.
وتابع العضو المشرف على مجلس السياسات بجائزة المصطفى(ص) : في بعض الأحيان نعجب بشخص أكثر من اللازم، لكن يجب علينا أيضا أن نظهر المجموعة أو الهيئة التي تدعمه.
وكان الاقتراح الآخر لهذا العالم الماليزي هو الإعلان عن القائمة المختصرة للمرشحين النهائيين قبل الإعلان عن الفائزين.
كما طلب من الفائزين بجائزة المصطفى(ص) ، باعتبارهم سفراء لهذه الجائزة، الظهور وإلقاء الخطب في التجمعات العامة لإلهام الآخرين والشباب.
وقال أحمد فرحان محمد سعد الله، في مزيد من التوضيح لهذا الاقتراح: إن هذا من شأنه أن يحفز المزيد من الناس على النشاط العلمي في العالم الإسلامي، ويرفع من مكانة الدول الإسلامية. وبالطبع يجب علينا أيضا تحفيز العلماء الآخرين والتعاون معهم، حتى لو لم يكونوا من العالم الإسلامي.
وأشار رئيس جامعة بوترا الماليزية إلى أن جامعته استضافت برنامج التبادل العلمي والتكنولوجي الثاني المعروف بالإسم المختصر (STEP) في عام 2016، وشدد على أهمية التعاون والتعاضد الحاصل بين علماء العالم الإسلامي الذي يتحقق في STEP، معتبرا إياه أحد الإنجازات المهمة، وأضاف أن برنامج STEP هو استمرار للتعاون البحثي، مشيرا الى أن (أحد المعاهد البحثية (الذي نتج عن برنامج STEP لا يزال يعمل مع المعاهد العلمية من حول العالم، واضاف أنه لهذا السبب "نحتاج إلى مثل هذه المنتديات ومنصات الاتصال العلمية لتجمعنا مع بعضنا البعض".
كذلك قدم اقتراحا آخر حول هذا الموضوع، وقال إنه من الممكن إنشاء منتدى أكثر شمولا، تجتمع فيه جميع جامعات الدول الإسلامية مرة كل سنتين أو ثلاث سنوات.
وبحسب رئيس جامعة بوترا، فإن المنشورات والصحف العلمية مهمة جدا لتشكيل شبكات اتصال أفضل؛ لكن في النهاية، العقول المدبرة لكل هذه الأفعال هم الأشخاص الذين ينفذون العمل بإيثار.
توضيح دور الجامعات في التواصل العلمي
ورداً على سؤال حول دور الجامعات في التواصل العلمي، قال أحمد فرحان محمد سعد الله: لا يمكننا أن فقط نعيش في عالمنا الأكاديمي. ولذلك، على الأقل في جامعة بوترا، نعتقد أنه ينبغي علينا أن نتجاوز مجرد نشر المقالات العلمية. مما لا شك فيه أن نشر مقال علمي في الجامعة أمر مهم، ولكن قد لا يكون الأشخاص خارج الجامعة على علم بهذه المقالات، أو قد لا يقدروننا، أو قد يكونون على علم ولكن لا ينتبهون لها.
واضاف: لذلك فإن تحدي الجامعات فيما يتعلق بالعلم هو الخروج من برجها العاجي والدخول إلى برج المعرفة وإيصال العلم للناس.
وقال هذا المسؤول الجامعي في إيضاح هذا التغيير: برج العاج حصري وبعيد عن الآخرين؛ ولكن في برج العلم، ينبغي للمرء أن يشارك في القضايا، وتثقيف، وبناء القدرات، وإلهام المجتمع.
وقال فرحان سعد الله في إشارة إلى أن الغالبية لمنظمي الجوائز والأكاديميين يميلون إلى تقديم الفائزين، أكثر من إظهار كيف تستطيع هذه الإنجازات تغيير العالم، أنه: "على سبيل المثال، أحمد فوزي إسماعيل، الحائز على جائزة المصطفى(ص) لعام 2023 من ماليزيا (والذي هو صديق عزيز لي)، وهو عالم بارز وممتاز في مجال تكنولوجيا الأغشية، ولكن عندما تم اختياره لهذه الجائزة، لماذا لا نبين كيف غيرت تكنولوجيا الأغشية العالم، وما هي التأثيرات التي أحدثتها؟ وهذا العمل يتطلب بناء القدرات، وهو أمر ضعيف في بلداننا".
وقال: "إذا كان هدفنا تحفيز الشباب على متابعة العلم وتغيير الاتجاه الحالي، فيجب علينا أن نتجاوز العالم نفسه وبدلا من الاهتمام بشخصيته، نقوم بتسليط الضوء على تأثيره وعمله. ولن يقتصر الأمر على عامة الناس الآن فحسب، بل سيستفيد منه جيل المستقبل والطلاب، وسيستخدمه صناع السياسات والحكومات أيضا بشكل جيد".
الاهتمام بالبحث والابتكار في ماليزيا في 3 برامج
وأضاف رئيس جامعة بوترا: "إنهم يدركون أن نتيجة جهود هذا العالم مفيدة، فلماذا لا نستخدم هذا الشخص للمساعدة في حل مشاكل أكبر؟" ولذلك فإن جائزة المصطفى(ص) ينبغي أن تكون نقطة انطلاق للفائزين نحو مزيد من التقدم. وهذه ليست نهاية حياتهم المهنية، بل بداية فرص جديدة.
وفيما يتعلق بتقييم الأداء العام لماليزيا في مجال العلوم والبحث (باعتبار أن أحد الفائزين بجائزة المصطفى(ص) 2023 كان من ماليزيا)، قال فرحان سعد الله: "الحكومة الماليزية وخاصة وزارة التعليم العالي بدأت اتباع هذا المنهج العلمي في أوائل عام 2005، بحيث بدأت لأول مرة تقديم وتنفيذ استراتيجية مخصصة لتعزيز البحث والابتكار. واستمرت هذه العملية بخطة عشرية أخرى للتعليم العالي من 2015 إلى 2026، ونحضر الان لتنفيذ الخطة التالية، وقد تم إيلاء اهتمام خاص للبحث والابتكار في كل من هذه الدورات".
واضاف: في ماليزيا تحسنت عملية الاهتمام بالأبحاث، ولكن لا تزال هناك إمكانيات كثيرة للتحسين. نريد أن يكون لدينا بحث أكثر تأثيرا ولهذا السبب أتحدث عن التأثير العلمي بما يتجاوز نشر (المقالة)، لأن لدينا مكانة جيدة من حيث نشر المقالات العلمية كما أن أعمال العلماء الماليزيين منشورة جيدا في المجلات المرموقة.
وأكد رئيس جامعة بوترا: ان العلاقة بين الباحثين والتعليم العالي مع الصناعة لا تزال ضعيفة. إن تواصل واهتمام البرلمانيين وصانعي السياسات الحكومية بهذا المجال لا يزال غير مرضٍ، وينبغي أن يكون للعمل البحثي الذي نقوم به تأثير أكبر. ولذلك، فقد تم صياغة المرحلة التالية من استراتيجيات التعليم العالي في ماليزيا، وخاصة في مجال البحث والابتكار، لتحقيق هذه الأهداف.
وبحسب مؤسسة المصطفى(ص) للعلوم والتكنولوجيا، فإن أحمد فرحان محمد سعد الله، قد حصل على الدكتوراه في دراسات النقل من جامعة لندن عام 1995 ودرجة الماجستير في النقل من نفس الجامعة عام 1990. بدأ حياته المهنية كمحاضر في جامعة العلوم الماليزية، وشغل مناصب عدة كمنسق وحدة الابتكار وتطوير التكنولوجيا، ورئيس منصة أبحاث الهندسة والتكنولوجيا، ومدير قسم الابتكار والبحث والابتكار في هذه الجامعة.
بالإضافة إلى ذلك، تسلم رئاسة مجموعة السلامة على الطرق ضمن استراتيجية المحيط الأزرق الوطنية (NBOS) وعضوية لجنة النقل العام البري (SPAD) والمدير العام للمعهد الماليزي لأبحاث السلامة على الطرق (MIROS) وهذا يظهر في سجله التنفيذي منذ عام 2017 حتى عام 2020. كما شغل منصب نائب رئيس الجامعة (الأكاديمية والدولية) في جامعة العلوم.