icon

البروفيسور مورات أفيسال

علوم وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات

مولود :

1973

الجنسیة:

تركيا

الأعمال:

تكنولوجيا الاتصالات الضوئية اللاسلكية

السيرة الذاتية‌

فتح آفاق جديدة في علم الاتصالات
شهدت الاتصالات اللاسلكية تحولا كبيرا في طريقة التفاعل البشري، ويعتبر مورات أويسال من رواد الصف الأول في هذا المجال. يُعد أويسال، الأستاذ في جامعة نيويورك أبوظبي في الإمارات، أحد العلماء البارزين والدوليين الذين يلهمون ويحفزون الجيل القادم من المبتكرين في مجال الاتصالات اللاسلكية.
نور في قلب الظلام
ولد مورات أويسال عام 1973 في إسطنبول، تركيا. واجه في طفولته تحديات كبيرة، من بينها فقدان والده. كانت والدته، التي كانت تبلغ من العمر آنذاك 27 سنة فقط، تكرس كل جهدها لتربية مورات وأخته. كانت الأسرة تعيش على راتب التقاعد الضئيل لجديها، وواجهت صعوبات مالية منذ ذلك الوقت. كانت والدته دائما تقول: «إذا أردت شيئا في الحياة، فعليك أن تعمل بجد من أجله» أصبح هذا القول شعار حياة أويسال ومنحته الدافع للوصول إلى أهدافه بالإرادة والاجتهاد.
الطريق نحو النجاح
بعد إنهاء المرحلة الثانوية، التحق أويسال بجامعة إسطنبول التقنية، حيث حصل على شهادة البكالوريوس في هندسة الإلكترونيات والاتصالات عام 1995. خلال دراسته الجامعية كان يعمل بدوام جزئي، مما أثر على درجاته بشكل سلبي نسبيا، لكنه كان مصمما بعد التخرج على إيجاد وظيفة في الصناعة والعمل كمهندس، رغم أن القدر كان له مسار آخر. في السنة الأخيرة من دراسته تعرف على أردال باناييرجي  (Erdal Panayirci)، الذي غيّر قراره بالكامل. باناييرجي عرفه على عالم الاتصالات اللاسلكية، وأمِل في موهبته رغم درجاته المتواضعة وشجعه على متابعة دراسات الماجستير تحت إشرافه. اجتهد أويسال وأصبح الأول على دفعته، ونشر أولى مقالاته الأكاديمية، قائلا: «أنا مدين لباناييرجي لأنه غيّر حياتي».
العودة محملا بالعلم
بعد إنهاء الماجستير، توجه أويسال إلى الولايات المتحدة لمتابعة الدراسات العليا، حيث نال شهادة الدكتوراه في الهندسة الكهربائية عام 2001 من جامعة تكساس إيه آند إم (Texas A&M) تحت إشراف كوستاس ن. جورجيادس (Costas N. Georghiades) . كانت الدراسة في الخارج مليئة بالتحديات لكنه اعتبرها تجربة غنية وقيمة للغاية. بدأ مسيرته الأكاديمية كمساعد أستاذ في جامعة واترلو في كندا، حيث عاش وعمل لمدة عشر سنوات، وحقق هناك رتبة أستاذ كامل. هذه الرتبة كانت تتيح له الاستمرار في العمل حتى التقاعد، لكنه في عام 2011 قرر العودة إلى تركيا لخدمة وطنه وقبول تحديات مهنية جديدة.

جسر بين العلم والصناعة
انضم أويسال في 2011 إلى جامعة أوزيين في تركيا كرئيس لقسم الهندسة الكهربائية والإلكترونية، حيث استطاع في هذه الجامعة تأسيس برنامج بحثي دولي في نظرية الاتصالات والاتصالات اللاسلكية. في عام 2015، حصل على دعم استثماري حكومي كبير وأسس مركز التميز لتقنيات الاتصالات الضوئية اللاسلكية  (OKATEM)، وهو أول مركز علمي من نوعه في تركيا ومن بين القلائل عالميا المختصين في البحث والتطوير في مجال الاتصالات الضوئية اللاسلكية. سرعان ما أصبح مركز OKATEM مركزا دوليا مرموقا، واستمر أويسال في نشاطاته بتأسيس شركة Hyperion Technologies التي نجحت في تحويل بعض تقنيات OKATEM إلى منتجات تجارية.
بعد نجاح دام عشر سنوات في تركيا، انضم أويسال في سبتمبر 2023 إلى جامعة نيويورك أبوظبي لمواصلة أبحاثه المتقدمة هناك. وهو الآن أحد العلماء البارزين في مجال الاتصالات الضوئية المرئية، وقد حصل على جائزة المصطفى(ص) سنة 2023، المقدمة للمقيمين في الدول الإسلامية، تقديرا لجهوده في هذا المجال. تتركز أغلب أبحاث أويسال على نظرية الاتصالات ومعالجة الإشارات، مع تركيز خاص على الطبقة الفيزيائية لأنظمة الاتصالات اللاسلكية في نطاقات الترددات الراديوية والضوئية. أنشطته في مجال الاتصالات الضوئية اللاسلكية طورت هذا الفرع بشكل ملحوظ ومهدت الطريق لتطبيقات عملية في مجالات مختلفة. نشر أويسال حوالي 400 مقالة في مجلات ومؤتمرات علمية، وحصل على أكثر من 20000 استشهاد، بمؤشر تأثير يبلغ 63، مما يعكس تأثيره الكبير في هذا المجال.
الى قمة المجد
نال مورات أويسال العديد من الجوائز تقديرا لأبحاثه، منها زمالة كلية ماريلاند عام 2004، وجائزة NSERC Discovery Accelerator عام 2008، وجائزة البحث الهندسي المرموقة من جامعة واترلو عام 2010. في 2011 حصل على جائزة الباحث الشاب المتميز من أكاديمية العلوم التركية، وفي 2017 حصل على جائزة تأثير الهندسة من National Instruments Engineering Impact في 2018 حصل على حائزتين، حيث نال لقب الباحث المتميز في جامعة أوزيين وجائزة مؤسسة Elginkan للتكنولوجيا، وفي 2019 حصل على جائزة أفضل ورقة مراجعة من جمعية الاتصالات  IEEE، ثم في 2021 جائزة الخدمة المتميزة من IEEE فرع تركيا.
بإرادته الصلبة، تغلب مورات أويسال على تحديات طفولته وتمكن من تحقيق مكانة مرموقة في عالم الاتصالات اللاسلكية. تلخص مسيرته المهنية صورة واضحة لعملية تكوين مسار علمي، تبدأ من تجاربه الشخصية في الطفولة، وتمتد لتشمل مساهماته في المشاريع البحثية والصناعية على المستوى الدولي. ما يمكن استخلاصه من هذه المسيرة هو أهمية المثابرة، دور الدعم الاجتماعي، والاستعداد لتقبل التغيير. إنجازاته، من تأسيس مراكز بحثية متقدمة إلى تحويل التقنيات الحديثة إلى منتجات تجارية، تعكس التزامه وشغفه بتطوير المعرفة والتكنولوجيا.
 

التعريف بالأعمال

من الإشارة بالدخان إلى الاتصالات اللاسلكية الضوئية
فجر الاتصالات من نوع آخر
كان الناس في العصور القديمة يستخدمون طرقا مبتكرة لنقل الرسائل عبر مسافات طويلة، مما كان لها دورا كبيرا في تطوير الاتصالات الحديثة. إحدى أولى الطرق كانت استخدام الدخان لإرسال الرسائل. كما كان يستخدم النار في أوقات الحرب والخطر كإشارة، وكانت المشاعل تلعب دورا اتصاليا في الطقوس الدينية والاحتفالات. بالإضافة إلى ذلك، في العصور القديمة، كان ضوء الشمس يُستخدم كطريقة للاتصالات اللاسلكية الضوئية (OWC) . استخدم اليونانيون والرومان الدروع المصقولة لعكس ضوء الشمس وإرسال رسائل بسيطة أثناء المعارك. كما كانت المرآة أو المرآة الشمسية تستخدم في أواخر القرن التاسع عشر للاتصالات العسكرية، حيث استُخدمت المرايا لتوجيه الضوء إلى محطات بعيدة.
بداية عصر جديد
كان بل يصف جهاز الفوتوفون بأنه "أعظم اختراعاته" ويعتبره إنجازا عظيما. رغم أن هذا الجهاز لم يُطرح بصورة تجارية أبدا، إلا أنه جذب اهتمام العسكريين، مما أدى إلى استخدام مصابيح القوس للتواصل الصوتي في الظروف العسكرية. اليوم، تعتمد الاتصالات اللاسلكية الضوئية على الليزر أو مصابيح LED كمرسلات. أحدثت هذه الطريقة ثورة في كيفية تفاعلنا مع بعضنا البعض، وهذا ما دفع مورات أويسال للخوض في هذا المجال المثير. تقوم الاتصالات اللاسلكية أساسا على الترددات الراديوية (RF)، ومع ذلك فإن عرض النطاق الترددي لهذه الترددات محدود وتخضع للرقابة الحكومية. في عالم اليوم، تزداد الحاجة إلى البيانات اللاسلكية يوما بعد يوم، مما يفرض ضغطا كبيرا على الطيف الراديوي. وعندما نتجاوز جزء الطيف الراديوي، نصل إلى الطيف الضوئي الواسع جدا والخالي من الرقابة.

الثورة الضوئية
قدم مورات اويسال في أبحاثه حول الاتصالات اللاسلكية الضوئية حلولا لمواجهة تكدس الطيف الراديوي. تتضمن هذه الحلول استخدام نطاقات ضوئية غير مرخصة للاتصالات اللاسلكية، مما يقلل التحديات المرتبطة باستخدام الترددات الراديوية. لعب هذا الباحث دورا هاما في تطوير تقنيات مثل الاتصالات بالضوء المرئي (VLC) والاتصالات الضوئية في الفضاء الحر (FSOC) ، يمكن استخدام هذه التقنيات في تطبيقات متنوعة مثل الاتصالات الضوئية في الدوائر المتكاملة، والاتصالات بين المباني والأقمار الصناعية. تستخدم الاتصالات بالضوء المرئي أشعة ضوئية مرئية، وبواسطة تغيير شدة ضوء الـ LED يتم نقل البيانات. عمل أويسال على تصميم الطبقات الفيزيائية لهذه الأنظمة وساعد في تحسين جودة وتغطية أنظمة الاتصال المنزلية. كما كان له دور في توحيد هذه التكنولوجيا على المستوى الدولي، وهو يعتقد أنه في المستقبل سنرتبط بالإنترنت عبر مصابيح  LED .  
التواصل تحت الماء
أحد أحدث أبحاث اويسال، كان حول تناول دراسة الاتصالات بالضوء المرئي تحت الماء. تشير هذه الدراسة إلى أن توسع النشاطات البشرية تحت الماء أدى إلى زيادة الحاجة إلى أنظمة اتصال في هذا الوسط. تشمل هذه الأنشطة جمع البيانات العلمية، المراقبة البيئية، استكشاف حقول النفط، علم الآثار البحري، أمن الموانئ، والمراقبة التكتيكية. حاليا، تعتمد معظم طرق الاتصال تحت الماء على الإشارات الصوتية، لكنها غير قادرة على تلبية احتياجات التطبيقات الناشئة التي تتطلب عرض نطاق ترددي عال لنقل الصور والفيديو في الوقت الفعلي. للتغلب على هذه التحديات، اقترح استخدام تقنية تعديل شدة مصابيح LED أو صمامات الليزر (LDs) . 
المدن الذكية
أحد تطبيقات هذه التكنولوجيا هو إنشاء المدن الذكية. تخيل مدينة يكون فيها كل شيء، من إشارات المرور إلى أنظمة إدارة النفايات، متصلا ببعضه البعض مع اتصالات عالية السرعة وآمنة. هذا هو مفهوم المدينة الذكية التي تعتمد على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحسين أداء المدينة ورفاهية مواطنيها. العديد من الدول تعيد النظر في تخطيطها العمراني لإنشاء بنى تحتية متكاملة لتقنيات الاتصال. يشمل ذلك أنظمة النقل الذكية التي تستخدم تقنيات متقدمة مثل الحساسات والاتصالات ومعالجة المعلومات لتحسين أنظمة النقل.
عندما تتحدث الأضواء
في السنوات الأخيرة، زاد استخدام مصابيح LED عالية الكفاءة في إضاءة الأماكن المفتوحة، وإشارات المرور، ولوحات الإعلانات، والمركبات مثل أضواء الفرامل والأضواء الاتجاهية. هذا الانتشار الواسع لمصابيح LED في الأماكن الخارجية وداخل السيارات يتيح استخدام الاتصالات بالضوء المرئي في التواصل. يمكن للمركبات المزودة بأضواء أمامية وخلفية تعمل بتقنية LED أن تتواصل مع بعضها البعض ومع وحدات على جانب الطريق عبر هذه التكنولوجيا. تتميز الاتصالات بالضوء المرئي على نحو كبير مقارنة بالاتصالات الراديوية بمزايا عدة، منها المقاومة للتداخل الكهرومغناطيسي، والعمل في ترددات غير مرخصة، والأمان الذاتي الذي يتيح إمكانية استخدام متكرر أكثر. بناءً عليه، يمكن استخدام الاتصالات بالضوء المرئي لتشكيل شبكات للمركبات باستخدام أضواء LED  المثبتة فيها. يمكن لهذه الأضواء نقل بيانات مثل الموقع والسرعة للمركبات الأخرى أو للبنية التحتية على جانب الطريق. وهذا يمكن أن يعزز السلامة المرورية، ويساعد في إدارة حركة المرور والوقاية من الحوادث. مع استمرار الباحثين في استكشاف إمكانيات هذه التكنولوجيا، يمكننا أن نأمل في مستقبل تكون فيه سياراتنا أكثر ذكاء وأمانا من أي وقت مضى.
في خدمة الصحة والاتصالات المتقدمة
كما بحث أويسال الإمكانات الكامنة في الاتصالات اللاسلكية الضوئية للأغراض الطبية. أحد تطبيقات هذه التكنولوجيا هو شبكات حساسات الجسم اللاسلكية (WBAN) التي تستخدم حساسات قابلة للارتداء لجمع بيانات صحية. كذلك، كان له دور في تطوير تقنيات الاتصالات الضوئية في الفضاء الحر (FSOC)، التي تستخدم أشعة ليزر ضيقة لنقل البيانات بسرعة بين موقعين ثابتين. بالإضافة إلى ذلك، تتيح هذه التقنية نطاقا تردديا عاليا جدا مما يزيد سرعة نقل البيانات، وبالتالي تُستخدم FSOC في تطبيقات مثل الاتصالات المؤسسية، ومراقبة الفيديو، وغيرها.
تعد الاتصالات اللاسلكية الضوئية تكنولوجيا حديثة تُحدث تغيرات كبيرة في العالم المعاصر. من التطبيقات الطبية إلى استخدامات متنوعة في شبكات النقل والمدن الذكية، قدمت هذه التكنولوجيا حلولا فعالة لمتطلباتنا المعقدة. وبفضل التقدم المستمر في هذا المجال والإمكانات اللامحدودة التي تتيحها، يمكننا التفاؤل بمستقبل تسود فيه التفاعلات الأسرع والأكثر أمانا، مما يمهد الطريق لتحسين جودة حياة الإنسان.