مولود :
1966
الجنسیة:
كمبوديا
الأعمال:
تطوير تطبيقات تكنولوجيا الأغشية
رحلة من الإيمان إلى قمم التقدم
في حياتنا نرى أحيانا أشخاصا يحملون إرادة ونظرة إبداعية ترسم مستقبلا أفضل لأنفسهم وللآخرين. أحمد فوزي إسماعيل هو أحد هؤلاء الأشخاص الذين من خلال تركيزهم على حل المشكلات العالمية المعقدة، استطاعوا إحداث تأثير عميق في تحسين جودة حياة البشر وتطوير التقنيات المستدامة. بدأ أبحاثه من مجال تنقية المياه إلى تطوير تقنيات حديثة في مجال الطاقات المتجددة وعلاج أمراض الكلى. ليس فقط بات معروفا كعالم في هذه المجالات، بل أيضا كقائد علمي نجح في دفع وتعزيز التقنيات الخضراء والمبتكرة.
شرارة لإنماء المواهب العلمية
ولد إسماعيل عام 1966 في كمبوديا. منذ طفولته كان مولعا بالعلوم التجريبية، وحقق نجاحات في مسابقات علمية إقليمية ووطنية خلال فترة مراهقته. قادته هذه النجاحات لاختيار دراسة الهندسة الكيميائية، وهو التخصص الذي سمح له بحل المشكلات التي كان يفكر بها. في عام 1975 هاجر مع عائلته إلى ماليزيا، حيث نشأ في مدينة كانترا ودرس هناك حتى عمر الثانية عشرة. ثم انتقل إلى ولاية ملاكا التاريخية، التي كان لها تأثير ثقافي وعلمي عميق في تشكيل شخصيته واهتماماته البحثية. أكمل دراسته الجامعية في جامعة تكنولوجيا ماليزيا (UTM)، وبعد تخرجه في 1989 قرر استكمال دراساته في جامعة ستراثكلايد بالمملكة المتحدة البريطانية حيث حصل على دكتوراه في الهندسة الكيميائية وتكنولوجيا الأغشية. كانت هذه المرحلة بداية أبحاث علمية فعالة ركز فيها على تحسين عمليات تنقية المياه وتصميم أغشية عالية الأداء، مما أسفر عن تقليل استهلاك الطاقة وزيادة الكفاءة.
في ظل العلم والإيمان
ارتبط اهتمام إسماعيل بتكنولوجيا الأغشية بفترة دراسته لدرجة الماجستير، حيث تعرف لأول مرة على المبادئ الأساسية لهذه التكنولوجيا. أحد أساتذته كان له تأثير كبير عندما قدم له مفهوم الأغشية، مما فتح أمامه آفاقا جديدة لمواصلة مسيرته البحثية. في هذه المرحلة، أثناء دراسته لظواهر فصل المياه المالحة عن العذبة، لفتت انتباهه بعض الآيات القرآنية، خاصة من سورتي الرحمن والفرقان، التي تشير بشكل مدهش إلى وجود حد فاصل بين تيارين من المياه. هذا المفهوم معروف اليوم في الهندسة باسم "الغشاء". هذه الإلهامات الروحية زادت من اهتمامه بمجال الأغشية وكانت دافعا قويا للاستمرار في دراسته للدكتوراه. الارتباط بين الإلهام القرآني والاكتشافات العلمية شكل قاعدة مناسبة للابتكار وتسويق أفكاره في مجال تكنولوجيا الأغشية. إيمانه العميق بأن مسيرته العلمية كانت تحت توجيه إلهي لعب دورا هاما في استمرارية جهوده.
إنجازات ساهمت في حل التحديات
قدمت أبحاث أحمد فوزي إسماعيل في مختلف المجالات العلمية تقدما ملحوظا في تحسين حياة الناس وتقليل المشكلات. من أهم إنجازاته تطوير أغشية متقدمة لتنقية المياه، وهي تقنية حيوية بشكل خاص في المناطق التي تعاني من نقص في مصادر المياه الصالحة للشرب، حيث تلعب دورا محوريا في توفير مياه صحية ومستدامة. بالإضافة إلى ذلك، ساهم في مجال الطاقات المتجددة بحل إحدى المشاكل المتعلقة بتوفير الطاقة المستدامة، حيث صمم طرقا حديثة لتخزين الطاقة بحيث تسمح باستخدام أفضل للموارد النظيفة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. كما أحدث تقدما في المجال الطبي من خلال تصميم أغشية خاصة لعمليات غسيل الكلى، مما أحدث ثورة في علاج أمراض الكلى. هذه الأغشية المصممة لتحسين فعالية الغسيل الكلوي ساعدت في تقليل الآثار الجانبية لهذه العملية، وقدمت علاجا أكثر فعالية للمرضى، مع تحسين جودة حياتهم وتقليل تكلفة العلاج والاعتماد على الأجهزة المعقدة والمكلفة.
شهادة على الجهود
حصل إسماعيل خلال مسيرته العلمية على العديد من الجوائز الوطنية والدولية، من بينها جائزة المصطفى(ص) للعلوم والتكنولوجيا لعام 2023، وجائزة أكاديمية العلوم العالمية (TWAS) عام 2019، وجائزة مهارات الهندسة ومردكا عن الإنجازات العلمية والبحثية المتميزة عام 2014. تعكس هذه الجوائز جهوده في تعزيز العلم والتكنولوجيا. ومنذ 2013 شغل منصب نائب رئيس جامعة تكنولوجيا ماليزيا (UTM)، حيث ساهم في رفع مكانة الجامعة لتصبح مركزا بارزا في مجالات الهندسة الكيميائية، تكنولوجيا الأغشية، والطاقة المتجددة. لم يكتف برفع المستوى العلمي فحسب، بل دعم الباحثين الشباب ولعب دورا أساسيا في تدريب أجيال جديدة من العلماء والمهندسين. تركز جامعة UTM الآن على التنمية المستدامة، الأبحاث التطبيقية، والتعاون الدولي، لتصبح لاعبا رئيسيا في مواجهة التحديات العالمية.
أحمد فوزي إسماعيل، من خلال إنجازاته العلمية في مجالات تنقية المياه، الطاقات المتجددة، وعلاج أمراض الكلى، لعب دورا بارزا في تقدم التقنيات الحديثة. أبحاثه في تصميم الأغشية المتقدمة وطرق تخزين الطاقة المثلى ساعدت في مواجهة تحديات العالم في تأمين مصادر مياه وطاقة مستدامة. ومسيرته تظهر أن التقدم الحقيقي يأتي من الجهد المستمر والتركيز على إيجاد حلول فعالة للمشاكل.
من الماء الملوث إلى قطرات الحياة
في عالم اليوم، يعتبر الماء موردا حيويا وثمينا يواجه تحديات جدية تتمثل في التلوث، الأمر الذي يجعل استخدام التقنيات الحديثة لتنقية المياه ومياه الصرف الصحي أكثر ضرورة من أي وقت مضى. في هذا السياق، لعب أحمد فوزي إسماعيل، الفائز بجائزة المصطفى(ص) للعلوم والتكنولوجيا في دورتها الخامسة، دورا هاما في تلبية هذه الحاجة العالمية من خلال ابتكاراته في مجال تكنولوجيا الأغشية. فقد قدم طرقا فعالة لتنقية المياه الملوثة بمياه الصرف النفطي وتحلية مياه البحر باستخدام هذه الأغشية. لقد أثرت أبحاثه بشكل كبير على العديد من الصناعات وحسنت جودة حياة الناس، وأصبحت إنجازاته نموذجا للتقدم المستقبلي في مجالات البيئة والتقنيات المستدامة.
فصل الماء عن الدهون
من المعروف أن التلوث النفطي يشكل أحد أكبر المشاكل في معالجة مياه الصرف الصناعي، لا سيما في صناعات النفط والغاز، حيث يتم إدخال كميات كبيرة من هذه الملوثات إلى مصادر المياه يوميا. في هذا المجال، اعتمد إسماعيل على علوم النانو ليخطو خطوة فعالة لحل هذه الأزمة. فقد صمم أغشية نانوية متطورة تتميز بخواص خاصة مثل التنافر الشديد للماء والمحبة العالية للزيت، ما مكنه من تقديم حلول فعالة لإزالة الملوثات النفطية من المياه. صممت هذه الأغشية بحيث تسمح بمرور جزيئات الزيت فقط، وبالتالي تنقي الماء بدقة عالية. ومن أبحاث إسماعيل، يمكن الإشارة إلى مقالات تناولت تأثير إضافات مثل جزيئات الكربون والسيليكا النانوية على خصائص وأداء هذه الأغشية. وتستخدم هذه التقنيات ليس فقط في صناعات النفط والغاز، بل أيضا في إدارة التلوث البيئي وتنقية مياه الصرف الصحي الحضرية والصناعية.
نستقي من البحر
في المناطق الجافة وقليلة المياه مثل دول الخليج الفارسي، تستخدم تقنيات صناعية لتحلية مياه البحر لتوفير مياه الشرب، ومن أهم هذه التقنيات التناضح العكسي والتنقية النانوية. تحظى هذه التقنيات باهتمام خاص بسبب خفض استهلاك الطاقة في عمليات تنقية المياه وتحسين كفاءة التشغيل في ظروف صعبة. في إحدى مقالاته، تناول إسماعيل التحديات المختلفة في زيادة كفاءة عمليات إزالة الملوحة وتقليل ترسبات الرواسب على الأغشية. تتميز الأغشية النانوية التي صممها إسماعيل بمزيج من المواد النانوية التي لا تكتفي فقط بتحسين ثباتها أمام الأملاح، بل تقلل أيضا من التكلس وتزيد من النفاذية، مما يخفض استهلاك الطاقة. كما أنه دمج مواد نانوية خاصة مثل السيليكا والكربون في تصميم الأغشية، مما حسّن الخصائص الميكانيكية والكيميائية لها. هذه الأغشية تتحمل الظروف القاسية مثل درجات الحرارة العالية والبيئات الكيميائية الصعبة، مما يزيد من عمرها الافتراضي.
تكنولوجيا واحدة وتطبيقات متعددة
أدى تطوير الأغشية النانوية إلى حلول فعالة لتنقية المياه الملوثة بالمواد الكيميائية والمعادن الثقيلة والملوثات البيولوجية. تمتاز هذه الأغشية بقدرتها على إزالة الجزيئات الدقيقة جدا، مما رفع مستوى تنقية المياه إلى أبعاد جديدة. من فوائد هذه الأغشية تقليل استهلاك الطاقة، زيادة المتانة، وخفض التكاليف التشغيلية. وتعتبر هذه الأغشية النانوية فعالة جدا في المناطق التي تعاني من نقص في موارد المياه النظيفة ومشكلات التلوث، وتُستخدم في تنقية المياه الحضرية، الصناعية، والزراعية. لم يقتصر تأثير تكنولوجيا الأغشية النانوية على تنقية المياه والصرف الصحي فقط، بل شمل مجالات صناعية وطبية متعددة. فقد صمم إسماعيل أغشية ألياف مجوفة ذات انتقائية عالية لفصل الغازات، مما أتاح طرقا فعالة لفصل الغازات المختلفة عن بعضها في العمليات الصناعية والبيئية. وتُستخدم هذه الأغشية بشكل خاص في تنقية الغازات الصناعية والهواء الملوث. وتكمن قوة هذه الأغشية في قدرتها على فصل الغازات بدقة عالية وبأقل استهلاك للطاقة، وتجد هذه التقنية تطبيقات واسعة في صناعات النفط، الغاز، والطاقة المتجددة.
دور الأغشية في المجال الطبي
استخدم هذا الباحث تكنولوجيا التنقية النانوية أيضا في تنقية الدم وعمليات الغسيل الكلوي. تساعد التنقية النانوية في هذه العمليات على فصل المواد الضارة من الدم بفعالية، مما يزيد من كفاءة أجهزة الغسيل الكلوي. وقد أدى هذا الإنجاز إلى تحسين العلاجات الطبية، تقليل الآثار الجانبية، ورفع جودة حياة المرضى المصابين بالفشل الكلوي. من جهة أخرى، قام أحمد فوزي إسماعيل بتصميم محفزات معدنية لتحسين العمليات الكيميائية الصناعية. تسرع هذه المحفزات التفاعلات الكيميائية وتخفض استهلاك الطاقة في العمليات الصناعية، ويُستخدم هذا النوع من المحفزات في صناعات عدة مثل الكيمياء، النفط، الغاز، وصناعة الأدوية، مما يقلل التكاليف ويزيد الإنتاجية.
تعد إنجازات أحمد فوزي إسماعيل في تطوير تكنولوجيا الأغشية نموذجا حيا للحركة العلمية التي تستجيب لاحتياجات المجتمعات المعاصرة. ويظهر التقدم في تنقية المياه، فصل الغازات، والتطبيقات الطبية باستخدام التقنيات الحديثة قدرة العلم والتكنولوجيا على مواجهة التحديات، وهي إنجازات تقدم حلولا للأزمات ومسارات واضحة نحو عالم أكثر استدامة.